“ليبانون ديبايت”
مع استمرار العدوان على لبنان وسط أفق مسدود للحل، تتفاقم الخسائر البشرية والمادية بحيث تسجل أرقاماً قياسية، مما يزيد من عمق الأزمة الاقتصادية ويهدد الوضع برمته في اليوم التالي للحرب، حيث تشكل إعادة الإعمار والنهوض من الدمار أحجية تقلق من دمرت بيوتهم بشأن مستقبلهم وكيفية إيوائهم في المرحلة المقبلة.
ويلفت المحلل الاقتصادي أحمد جابر، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، إلى أن “الوضع الاقتصادي اللبناني سيء ولكن ليس وليد فترة الحرب، بل منذ عام 2019، وهو يتراجع بشكل دراماتيكي، وحتى قبل تاريخ 2019 لم يكن الوضع الاقتصادي متعافيًا، إلا أنه حصلت الأزمة عام 2019 وازداد الأمر سوءًا، وما لحقها من أزمات متتالية لحين وصولنا إلى الحرب”.
وهنا يأسف “لأنه خلال فترة لم تتجهز حكومة تصريف الأعمال لمحاكاة هذه الحرب بتداعياتها كافة، حيث كانت تعلم أن الحرب قادمة لا محالة إلى لبنان، بحيث لم تجهز خطة الإغاثة والطوارئ”.
ويضيف أنه بات لدينا ما يقارب المليون و500 ألف نازح وما يفوق الـ 40 ألف وحدة سكنية دمرت تدميرًا كاملاً إلى جانب الآلاف من الوحدات السكنية والعديد من المحلات التجارية التي تضررت تضررًا كليًا أو جزئيًا.
ولا يخفي أننا نعيش “اليوم واقعًا اقتصاديًا أصعب من المرحلة السابقة، وفي مرحلة ما بعد الحرب ستواجهنا مشاكل أكبر لها علاقة بالإيواء أولًا، فنحن بحاجة لفترة زمنية من أجل إعادة الإعمار، إضافة إلى التكاليف التي تفرضها هذه المرحلة ما بين الإيواء والإعمار”. ويشير إلى “القمة العربية الإسلامية”، آملًا في هذا الإطار أن “يوجد صندوق عربي من أجل إعادة الإعمار”، ولكنه يعتبر أن “هذا وحده لا يكفي فالدمار كبير”.
لكنه يرى أنه “عند انتهاء الحرب وبدء عملية الإعمار، ستحصل حتماً حركة اقتصادية وتجارية في البلاد، ونحن نعول على نتيجة الحرب، حيث في حال كانت النتيجة تلبي طموحات العديد من الدول التي تود مساعدة لبنان، سيحصل الدعم، أما في حال كانت النتيجة عكس تطلعاتهم فمن المؤكد حينها لن يحصل الدعم”. إذ يرى أن “الميدان هو من يحدد المسار، إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي للبلد في مرحلة ما بعد الحرب”.
وعن التقديرات، يشير جابر إلى أن “الإعمار بحاجة إلى فترة حيث نحن بحاجة إلى ما يزيد عن 3 سنوات، أما فيما يتعلق بالدورة الاقتصادية، فلبنان ليس متروكًا من قبل أهله المغتربين، وهذا الاحتضان هو من سيساهم في حركة اقتصادية، وهذا ما حصل في الفترة السابقة، فلبنان المغترب هو من أدخل إلى البلد ما يقارب الـ 7 مليار دولار في السنة الواحدة، وهذا المبلغ ساهم في تحريك الاقتصاد والتجارة”. فالتماسك والترابط بين لبنان المغترب ولبنان المقيم هو في غاية الأهمية من أجل تأمين عملية الصمود سواء في فترة الحرب أو في فترة السلم.
أما بالنسبة للأرقام، فيلفت إلى أن “الأرقام المتداولة اليوم هي ما بين 20 إلى 30 مليار دولار، وهي أرقام وزارة الاقتصاد، إلا أن هذه الأرقام ليست محسومة على اعتبار أن الحرب لم تنته بعد وبالتالي آثارها ليست واضحة. فكل يوم لدينا خسائر بشرية وجرحى وأبنية بكاملها تهدم، إضافة إلى قرى بأكملها تهدم، لذلك لا يزال عداد الموت والخسائر “شغّال”، لذلك من الصعب حصر رقم تقريبي اليوم”.