ليس الجنوب فقط… أميركا تدفع باتجاه “تسوية شاملة” في لبنان

في سياق السعي لتحقيق نصر دبلوماسي في الأسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، تعمل الإدارة الأميركية بجد للوصول إلى حل شامل في لبنان قبل نهاية فترة حكمه.

وقد خصص الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، على مدار أشهر، جهودًا مكثفة لحل مشكلة الحدود الجنوبية للبنان، والتي شهدت تصعيدًا كبيرًا في النزاع مع إسرائيل في السنوات الأخيرة.

الحل الذي كان يعمل عليه هوكستين يهدف إلى إبعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل، وتنفيذ إجراءات أمنية صارمة تشمل نقل عناصر “قوة الرضوان” التابعة لحزب الله إلى شمال نهر الليطاني، في محاولة لتفادي أي هجوم بري مشابه لعملية حماس في 7 تشرين الأول 2023.


الآمال الأميركية في تحقيق هذا الحل تم تعزيزها من خلال تعاون وثيق مع الفرنسيين، الذين عملوا على تطوير آليات متعددة لتحقيق الاستقرار في الجنوب اللبناني.

في أيلول الماضي، أعلن الرئيسان الأميركي والفرنسي، خلال اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، عن دعوة لوقف إطلاق النار والتفاوض على حلول، بما في ذلك ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، ونقل قوات من الجيش اللبناني إلى الجنوب لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي يطالب بوجود قوات حفظ سلام على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وفيما أبدى الأمين العام السابق لحزب الله، الشهيد حسن نصرالله، موافقته على هذه الاقتراحات، إلا أن الهجمات الإسرائيلية على مواقع حزب الله، والتي تضمنت عمليات عسكرية معروفة مثل الـ”بايجر” و”الوكي توكي”، أدت إلى تغييرات كبيرة في المشهد العسكري. لم تقتصر الهجمات الإسرائيلية على ضرب مواقع حزب الله، بل شملت اغتيالات قيادية في صفوف الحزب، ما وضع ترتيبات الأمن التي كانت قيد الدراسة في مهب الريح.

من جانب آخر، تحدث مسؤولون أميركيون عن تأثير الخسائر التي تكبدها حزب الله في ترسانته العسكرية، إضافة إلى مقتل عدد كبير من قياداته وعناصره. وفي هذا السياق، أكدت مصادر دبلوماسية أميركية أن المفاوضات التي يقودها هوكستين لم تعد تقتصر على جنوب لبنان فحسب، بل تشمل جميع أراضي لبنان، بما في ذلك العاصمة بيروت والمناطق الحيوية الأخرى.

وتشير التقارير إلى أن الورقة الأميركية التي سلمتها السفيرة الأميركية في بيروت إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري تحتوي على شروط تتضمن إشرافًا أميركيًا على الترتيبات الأمنية داخل لبنان، بما في ذلك المطار والميناء البحري، ومنع تدفق الأسلحة من سوريا إلى التنظيمات الموالية لإيران.

لكن النجاح في التوصل إلى اتفاق لا يزال غير مضمون، إذ يُتوقع أن تكون بعض الشروط الأميركية والإسرائيلية صعبة للغاية، ويعتقد العديد من المحللين أن الهدف النهائي هو القضاء على حزب الله كقوة عسكرية تابعة لإيران. هذا الموقف قد يواجه مقاومة شديدة من الحزب وحلفائه، رغم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يسعى حاليًا لإقناع حليفه حزب الله بقبول بعض هذه الترتيبات.

وفي الوقت الذي ترى فيه الإدارة الأميركية الحالية أن التوصل إلى اتفاق قد يسهم في تحقيق هدفها الأكبر، وهو وقف إطلاق النار في لبنان، فإن هناك مخاوف من أن أي اتفاق يتم التوصل إليه قد يُلغى بمجرد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني 2025.

ووفقًا لتقديرات بعض المسؤولين الأميركيين والمراقبين المقربين من ترامب، سيكون الرئيس المقبل داعمًا قويًا لإسرائيل، ولن يكون ملتزمًا بالاتفاقات التي أبرمتها الإدارة الحالية.
Exit mobile version