تحولٌ نوعي وجريء… “رسالة قوية” من جنبلاط

تحولٌ نوعي وجريء… “رسالة قوية” من جنبلاط

في إطلالته التلفزيونية يوم الخميس الماضي، بدا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قلقًا وخائفًا على مصير لبنان، محذرًا من الوضع الراهن الذي يهدد استقراره.

وعبّر عن تشاؤمه حيال نوايا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تجاه لبنان، وخاصة محاولاته المستمرة لإحباط أي أمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

هذا التشاؤم تجسد عمليًا عندما استفاق اللبنانيون في يوم ذكرى الاستقلال على مشاهد التدمير الوحشي في الجنوب والبقاع ووسط بيروت، في محاولة إسرائيلية واضحة لفرض استسلام لبنان تحت وطأة القصف والدمار.


لكن اللافت في حديث جنبلاط هو الموقف الذي أعلنه لأول مرة، حيث قال: “أوقفوا استخدام لبنان كساحة لتوجيه الرسائل للآخرين، أوقفوا استخدام لبنان لدعم القضية الفلسطينية. لقد دفع البلد أثمانًا باهظة منذ سنوات ولم يعد بإمكانه ذلك”.

هذا التصريح هو تحول نوعي وجريء من زعيم طالما دعم القضية الفلسطينية ووقف إلى جانب المقاومة. وهو بمثابة رسالة قوية يجب أن يسمعها جميع المعنيين، وفي مقدمتهم حزب الله، الذي قرر الانخراط في حرب إقليمية من دون أن يستشير أحدًا. حرب تسببت في دمار لبنان وقتل العديد من القيادات، ليجد البلد نفسه في مواجهة حرب مدمرة على جبهات متعددة.

النداء الذي أطلقه جنبلاط هو تحذير مباشر لإيران وكل قوى الممانعة في المنطقة، حيث يقطع الطريق على محاولات تشريع السلاح في لبنان من جديد.

جنبلاط طرح مسألة دمج حزب الله وسلاحه في الجيش اللبناني، ليكون جزءًا من المؤسسة الرسمية التي تجمع اللبنانيين بدلًا من تدميرهم.

وفي قراءته للمرحلة القادمة، شدد جنبلاط على ضرورة تثبيت اتفاقية الهدنة وعدم العودة إلى لغة “الجيش والشعب والمقاومة”، خاصةً وأن مزارع شبعا هي أراضٍ سورية، ما ينزع عن المطالبات اللبنانية شرعية أي مسوّغ لاستمرار وجود السلاح.

وفي الوقت نفسه، أظهر جنبلاط حرصًا على الوحدة الوطنية والطائفية، مبدياً استعداده للصعود إلى معراب للقاء سمير جعجع ومناقشة موضوع الطائف والدستور والميثاقية، استعدادًا لليوم الذي يلي الحرب، وقطعًا للطريق على أي فتنة قد تستفيد من تدهور الأوضاع.

في هذا السياق، يتجسد كلام جنبلاط كموقف مقاوم لبناني من الدرجة الأولى. وهو يُعيدنا إلى خطابات رجال الدولة الذين يرتقون إلى مستوى الأوطان في لحظات مصيرية، بعيدًا عن الشعبوية أو المزايدات السياسية.

Exit mobile version