تتّجه الانظار الى أسبوع الحسم الدبلوماسي للحرب الاسرائيلية على لبنان حيث يترقب الداخل نتائج المباحثات التي اجراها المبعوث الرئاسي الاميركي آموس هوكستين مع المسؤولين في لبنان واسرائيل للدفع نحو التهدئة وابرام صفقة وقف اطلاق النار والذهاب تدريجيا نحو تطبيق البنود المدرجة على الورقة الاميركية.
ومع عودة هوكستين الى واشنطن نهاية الاسبوع الماضي آتيا من تل أبيب متكتما عن محادثاته، بدت الاجواء ضبابية في ظل تضارب في المواقف على الضفتين اللبنانية والاسرائيلية، في حين بدأ الحديث عن تراجع حظوظ التوافق على المسودة الاميركية وهذا ما فسره التصعيد الميداني الكبير من الجانبين.
اسرائيل التي اعترضت على عدد من البنود في الاتفاق وعلى رأسها البند المرتبط بعضوية فرنسا في لجنة مراقبة وقف اطلاق النار، تشتري بدورها الوقت بحثا عن فرصة لتحسين شروطها التفاوضية بوجه لبنان. وهنا تشير مصادر غربية الى أن ما يجري في الميدان يحدد مستقبل الورقة الاميركية التي تأخذ منها تل أبيب فرصة لكسب المزيد من التنازلات اللبنانية.
وتُذكر المصادر بالموقف الصارم لحزب الله قبل أشهر حين أكد رفضه المطلق لوقف اطلاق النار على جبهة الاسناد قبل وقف الحرب على غزة، مكررا دعوته الى إبقاء الساحة اللبنانية مفتوحة للصواريخ ضد اسرائيل ورافضا في الوقت عينه المطالب اللبنانية وتحديدا من قبل الفريق المعارض له، بضرورة تطبيق الـ 1701 بشكل فوري كي لا تأخذ اسرائيل ذريعة بذلك وتقوم بتوسيع حربها على لبنان.
ولكن في المرحلة الثانية للحرب تمكنت اسرائيل من الحاق الخسائر الكبيرة في صفوف الحزب واغتالت معظم قيادات الصف الاول، ما دفع به الى تقديم التنازلات لوقف اطلاق النار فعمد الى فصل مسار الحرب في لبنان عن غزة وفوَّض الرئيس نبيه بري لابرام التسوية التي جاءت في غالبيتها لصالح اسرائيل، حيث تشير المصادر في هذا السياق الى أن معظم البنود التي وضعت كانت من الجانب الاسرائيلي وتم عرضها على لبنان للموافقة عليها، كاشفة عن وجود بنود سرية لم يتم الافصاح عنها حفاظا على خصوصية التفاوض من جانب الثنائي الشيعي الذي طالب بذلك.
وترى المصادر أن حزب الله يسعى الى تكثيف عملياته العسكرية حيث سجل في الساعات الماضية رقما قياسيا منذ الثامن من اوكتوبر عام 2023 في عدد الصواريخ التي أطلقها على شمال ووسط اسرائيل مستخدما أنواعا جديدة منها بهدف الضغط على تل أبيب لقبول الورقة المعروضة عليها ووقف الحرب بشكل فوري، فيما تماطل تل أبيب وترغب بمزيد من الوقت لتتمكن من التوغل أكثر في لبنان والوصول الى المواقع الاستراتيجية التي تريدها في منطقة الليطاني بالتزامن مع استهداف البنى التحتية في الضاحية وإدخال مناطق جديدة ضمن لائحة الاهداف. ووفق المعطيات فإن حكومة نتنياهو قد تطلب من الجانب الاميركي وضع مسودة جديدة للاتفاق مع لبنان تكون أكثر تشددا من المطروحة اليوم، وهو ما يسوق له نتنياهو في الاعلام العبري من خلال الحديث عن مرحلة جديدة من الحرب على لبنان وعن أن الضمانات التي يتم الحديث عنها قد تتغير، خصوصا وأننا مقبلون على تغيير في الادارة الاميركية وقد يتنصل ترامب من بنود وضعتها ادارة الرئيس جو بايدن.
هذا الجو السلبي المحيط بالورقة الاميركية يُنذر بتصعيد اسرائيلي على لبنان ويطمع تل أبيب بالدفع الى تنازلات اضافية من جانب الثنائي الشيعي على قاعدة من تنازل مرة يمكن أن يتنازل ألف مرة.