تحرّك الملف الرئاسي مع بدء سريان وقف إطلاق النار، فحدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخابية في ٩ كانون الثاني، أي بعد ٤٢ يوما يُفترض أن تشهد تشاورا مُكثفا للوصول إلى الإسم الأكثر مقبولية ليكون الرئيس المقبل، أو في الحدّ الأدنى التوصل الى مرشحين أو أكثر يتنافسون ديمقراطيا على أصوات النواب الـ١٢٨.
ونُقل عن رئيس البرلمان أن أولويته بعد وقف النار مع إسرائيل ستكون انتخابات الرئاسة، مشدداً على أنها “ضرورة وطنية”. وقال: كنت آليت على نفسي أنه فور وقف إطلاق النار سأحدّد موعداً لجلسة انتخاب رئيس. ولفت إلى أن “الجلسة ستكون مثمرة، ومن أجل هذا الأمر أعطيت مهلة شهر من أجل التوافق”.
وثمة قناعة بأن لا مكان للمناورات هذه المرة، نظرا إلى أن الخارج يضغط لجعل انتخاب الرئيس أولوية مطلقة بعد وقف النار، فيما فقد الأفرقاء السياسيون في الداخل القدرة على المراوغة والغشّ، وباتوا أمام واقع محلي ضاغط وأمام خارج لن يفتح فرصا كثيرة. وعاد الحديث في هذا السياق عن تهديد خارجي بفرض عقوبات على المعطلين أو المناورين، فيما ترددت معطيات عن أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان- إيف لودريان ألمح أمام بعض من التقاهم إلى أن النافذة الدولية تضيق شيئا فشيئا، وأن على المسؤولين التقاط الفرصة المتاحة هذه المرة وإلا سيفقدون تدريجيا اهتمام الخارج.
في الموازاة، توقف المراقبون عند المقدمة التي مهّدت للنقاط الـ١٣ في اتفاق وقف إطلاق النار، انطلاقا من أنها انطوت على استهداف مباشر لحزب الله، وتركيز ممهور بموافقة لبنانية رسمية وموثّقة على تجريده من سلاحه كاملا وليس فقط في جنوب الليطاني، وعلى منع أي محاولات لإعادة التسلح. وكان لافتا أن هذه الوقائع غيّبها أهل الحكم، وانكشفت بمجرد أن كُشف النقاب عن النسخة الأصلية للاتفاق باللغة الإنكليزية والذي اطلع عليه “ليبانون فايلز”.
وثمّة من ذهب حدّ القول أن هذا التنازل غير المسبوق لحزب الله واضطراره للقبول بنصّ هو مبنيّ كليا على القرارات الدولية الثلاثة الـ١٥٥٩ والـ١٧٨٠ والـ١٧٠١، يطرح ظلالا من الشك على الدافع والسبب الذي جعل الحزب يرضخ إلى هذا الحدّ. فيما ذهب آخرون إلى القول إن هذا الأمر لا بد أنه في إطار صفقة سياسية لا تزال عناصرها مبهمة وتمنح الحزب في السياسة ما فقده في السلاح.