تكشف المعطيات الميدانية وجود أكثر من اشارة اميركية ايجابية لتثبيت وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل وتثبيت مهلة الستين يوما على السنوات المقبلة بفعل الواقع على الارض، حيث ضرب الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب أكثر من عصفور في حجر واحد لتحريك المياه الراكدة في المتوسط وامداد المنطقة بشريان السلام الذي يمهد لاحقا لحركة اقتصادية كبيرة.
فمشروع وقف اطلاق النار الذي أبرمته الدولة العميقة في الولايات المتحدة الاميركية عبر المؤسستَين الامنية والعسكرية، حمل في طياته مشروع سلام بين لبنان واسرائيل سيتم الكشف عنه تباعا وهو مشروع ترسمه ادارة الرئيس المنتخب ليكون نافذا في المرحلة المقبلة وهي مرحلة تصفية الحسابات الاقليمية وتصفير مشاكلها، على أن تشمل المرحلة الاولى ضرب المحور الايراني على طول الخط اللبناني السوري العراقي وهو أمر لا بد منه بالنسبة لاستقرار اسرائيل على مدى الثلاثين عاما المقبلة، وهو تحد أيضا لادارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. وقد دخلت المنطقة فعلا في مخاض كبير منذ أحداث السابع من اكتوبر. ففي غزة تسعى اسرائيل الى فرض قانون استيطاني في القطاع بعد ان بات في قبضة تل أبيب، في المقابل يريد ترامب شراء ورقة الدولتين لتمرير الاستيطان التوسعي فالضفة يقابلها غزة وما تأخذه السلطة الفلسطينية وباشراف اسرائيلي لن يكون بحجم الفوز بقطاع غزة وهو شريان جديد لاسرائيل على المتوسط.
أما في لبنان، فالادارة الاميركية كانت ولا تزال في قلب القرار السياسي اللبناني وتشييد السفارة “القلعة” في عوكر على مدى سنوات تأكيد لدور واشنطن الكبير في لبنان الذي تعتبره نافذة الشرق الاوسط ومصدر التغييرات في المنطقة نظرا لموقعه الجيوسياسيي وتأثيره الكبير على الساحة السورية حيث النفوذ الروسي هناك. تخطط الادارة الاميركية في عهد ترامب لمرحلة ما بعد حزب الله وهي مرحلة قد تواجه بالنسبة للاميركيين تحديثات كثيرة، من هنا جاءت لجنة مراقبة وقف اطلاق النار والتي يرأسها جنرال أميركي لتؤكد دور واشنطن في عملية السلام بين اسرائيل ولبنان، كما ان تعيين رجل الاعمال اللبناني مسعد بولس كمستشار للترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية يؤكد أن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة وهي على رأس الاجندة الترامبية.
مرحلة التحولات الكبرى بدأت بهدنة لبنان على أن تُستتبع في غزة مع بداية العام الجديد، على أن يكون الحسم سيد الموقف في سورية والعراق تمهيدا لصفقة القرن التي يعدها الفريق الاستشاري للرئيس دونالد ترامب.