أبرزها قرب لبنان.. مناطق قد تبدأ منها “ح ر ب عالمية ثالثة”
تناول المختص بالشؤون الأمنية والدبلوماسية د. روبرت فارلي، المشهد العالمي المتقلب بشكل متزايد وحدد خمس مناطق حرجة يمكن أن تندلع فيها حروب ضروس تجر العالم معها إلى حرب عالمية ثالثة.
ومع اقتراب عام 2024 من نهايته، سلط الكاتب في مقاله بموقع “1945” الأميركي، الضوء على كيفية ترابط الصراعات الأكثر إلحاحاً في العالم، مما يجعل احتمال نشوب حرب عالمية أمراً محتملاً بشكل مقلق.
وسلط الكاتب الضوء على دور المنافسات الدولية وعدم الاستقرار المحلي والحسابات الاستراتيجية الخاطئة في تفاقم التوترات.
روسيا وأوكرانيا: صراع بلا حل
واستهل فارلي القائمة بالحرب الروسية الأوكرانية الجارية، والتي تقترب الآن من ذكراها السنوية الثالثة، واصفاً إياها بأنها أكبر صراع تقليدي منذ الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى إمكانية تصعيدها بشكل أكبر.
واستأنفت روسيا العمليات الهجومية، واستعادت الأراضي الأوكرانية، في حين ردت أوكرانيا بضربات بعيدة المدى داخل الأراضي الروسية. وأرهقت الحرب الاقتصاد الروسي، ودفعت موسكو نحو عمليات عسكرية أكثر خطورة. وفي الوقت نفسه، تواصل الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، دعم أوكرانيا، مما أدى إلى تعميق التوترات العالمية.
وحذر فارلي من أن الصراع قد يجذب دولاً إضافية إلى المعركة، مما يزيد من نطاقها وخطورتها.
تداعيات السابع من تشرين الأول
تبدو تداعيات هجمات السابع من تشرين الأول 2023 التي شنتها حماس على إسرائيل نقطة اشتعال أخرى. أشعلت هذه الأحداث صراعاً متعدد الجبهات في الشرق الأوسط يضم إسرائيل وحماس وحزب الله وإيران.
وفي حين يبدو أن بعض جبهات القتال قد وصلت بالفعل إلى وقف إطلاق نار هش (مثل الجبهة الشمالية بين إسرائيل وحزب الله)، يؤكد فارلي على خطر التصعيد المستمر، فالتحالف المتزايد بين إيران وروسيا، والذي اتسم بتبادل الأسلحة، وتسريعها المحتمل لبرنامجها النووي، قد يؤدي إلى حرب أوسع نطاقاً تجتذب في رحاها إسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج.
وقال الكاتب إن الشرق الأوسط يظل برميل بارود، حيث يمكن لأي خطأ أن يشعل فتيل صراع واسع النطاق تشارك فيه القوى الإقليمية والدولية.
الصين وتايوان
ويمثل مضيق تايوان مجالاً آخر للقلق. ويشير فارلي إلى أن غياب الصراع العلني هنا خادع، حيث يستعد كلا الجانبين لما يبدو وكأنه حرب حتمية.
أدى البناء العسكري السريع للصين وتعزيز تايوان لدفاعاتها، بدعم من الولايات المتحدة، إلى خلق توازن هش. ومن الممكن أن تؤدي التطورات في أجزاء أخرى من العالم، أو التحول المحتمل في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في ظل رئاسة ترامب، إلى زعزعة استقرار المنطقة.
ولفت الكاتب النظر إلى المخاطر العالمية المترتبة على صراع تايوان، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يشمل قوى كبرى مثل اليابان والولايات المتحدة ويحمل تهديداً مشؤوماً بالتصعيد النووي.
كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية
تمثل شبه الجزيرة الكورية نقطة ساخنة أخرى. أدى تورط كوريا الشمالية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والذي يتضمن تقديم الدعم العسكري لموسكو، إلى تنشيط علاقتها مع روسيا.
وقد يشجع هذا التحالف الجديد بيونغ يانغ، مما قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات عدوانية ضد كوريا الجنوبية.
وسلط فارلي الضوء على عدم الاستقرار السياسي في كوريا الجنوبية، حيث واجه الرئيس يون سوك يول ردود فعل عنيفة لفرضه الأحكام العرفية. وتخلق هذه التطورات بيئة خطيرة، حيث يمكن أن تتفاقم الحسابات الخاطئة أو الاستفزازات بسرعة إلى صراع أوسع نطاقاً.
سوريا: برميل بارود مشتعل
أشعلت تداعيات الديناميكيات الإقليمية والداخلية أجواء عدم الاستقرار في سوريا، ويواجه الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يكافح بالفعل للحفاظ على مقاليد الأمور، تحديات كبيرة الآن بعد سقوط مدينة حلب في أيدي قوات المتمردين.
تركت هذه الهزيمة حكومة الأسد عُرضة للخطر، مع هروب حلفائه الإيرانيين والروس وعدم قدرتهم على الرد.
وحذر فارلي من أن انهيار الحكومة السورية قد يغرق المنطقة في الفوضى، ويفاقم الصراع الإسرائيلي الإيراني.
وقال الكاتب إن زعزعة الاستقرار في سوريا قد تكون بمنزلة حافز لتوترات إقليمية وعالمية أوسع نطاقا.
سياق عالمي خطير
تناول الكاتب أيضاً الآثار الأوسع لهذه الأزمات، ففي حين لا تسعى أي قوة كبرى إلى حرب عالمية، فإن الترابط بين هذه الصراعات يجعل احتواؤها أمرا بالغ الصعوبة.
ويشبه التأثيرات المحتملة للقرارات في منطقة واحدة بـ”تأثير الفراشة” المجازي، حيث يمكن لحدث في أحد مسارح الصراع أن يؤدي إلى ردود فعل في جميع أنحاء العالم.
وأكد فارلي على الحاجة إلى دبلوماسية ناضجة واستراتيجية لمنع المزيد من التصعيد ويحض زعماء العالم على إدراك مخاطر أفعالهم.
في نهاية المطاف، ثمة هشاشة يعيشها النظام الدولي الحالي. فهو لا يحدد نقاط الاشتعال نفسها فحسب، بل يحدد أيضاً أنماط التنافس وسوء الإدارة الأوسع التي قد تؤدي إلى كارثة. ومع اقتراب عام 2025، يؤكد الكاتب على الحاجة الملحة إلى الدبلوماسية والتخطيط المسبق لتجنب حرب عالمية ثالثة محتملة.
(24)