تتوالى الهزائم على محور الممانعة في لبنان وتسقط تباعا أوراق الساحات، من غزة الى لبنان مرورا بسوريا ولاحقا العراق كما ترجح المعطيات وتعززها المواقف الغربية، التي تتحدث عن وصول التغيير الى ايران في وقت قريب.
هذا التغيير الكبير الحاصل، لاسيما على خط بيروت دمشق شكل حافزا كبيرا داخل القوى المعارضة في لبنان التي بدأت تتحدث عن نجاح خياراتها على حساب الخيارات الاخرى التي انتهجها حزب الله وحلفاؤه في الحقبة السابقة، وبالتالي بدأت اليوم مرحلة قطاف ثمار الخيارات.
وشكل إسقاط النظام السوري بقيادة بشار الاسد نقلة نوعية للطرف المعارض في لبنان، الذي كشف عن مرحلة جديدة تواكب تلك التي بدأت في سورية. وتشير مصادر معارضة مطلعة عبر “ليبانون فايلز” الى أن الوضع في لبنان متّجه حكما نحو تغيير جذري يقلب المعادلات وبإرادة جميع اللبنانيين وعلى رأسهم الطائفة الشيعية، لافتة الى أن التواصل بين المعارضة والرئيس نبيه بري كرئيس لحركة أمل مستمر وعلى قدم وساق وتحديدا مع القوات اللبنانية. وتؤكد المصادر أن أجندة الحكم في لبنان لم تعد مرتبطة فقط بجلسة التاسع من كانون الثاني لانتخاب رئيس للبلاد فهي باتت تفصيلا بالنسبة لما يُعد من قبل القوى السياسية التي تريد التأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ لبنان عنوانها دولة المؤسسات البعيدة عن حكم الدويلات.
وتدعو المصادر حزب الله الى الابتعاد عن نظريات المؤامرة وعن مبدأ المغالاة بإظهار عامل القوة لديه بعد ان أدرك الجميع أن الامور لم تعد كما كانت وقدراته العسكرية باتت شبه معدومة وقد عزز سقوط نظام الاسد في سورية نظرية الاطباق على منظومته الصاروخية، عبر قطع طريق الامداد من ايران نحو العراق مرورا بسورية ومنها الى لبنان. هذه الخسارة المدوية برأي المصادر المعارضة كافية لنقل حزب الله من الموقع الاقليمي المهزوم الى الموقع الوطني المنتصر من خلال مؤسسات الدولة التي ستنهض من جديد عبر ورشة داخلية تعتمد الاصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي.
ولا تستبعد المصادر عودة الرئيس سعد الحريري بعد كل هذا التغيير والبدء بمسار سياسي جديد لتيار المستقبل ليكون شريكا في الحكم، مشيرة الى أن دول الخليج تنتظر عودة الاستقرار الى لبنان من خلال انتخاب رئيس للجمهورية مقرب منها، وفي الاطار يأتي الحديث عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حيث تتقاطع المعلومات عن رغبة سعودية بوصوله الى سدة الرئاسة في حال تمكن الرجل من تأمين التوافق الداخلي على اسمه مع مختلف القوى السياسية وتحديدا الثنائي الشيعي، موضحة أن المشروع الذي تسعى اليه دول الخليج وعلى رأسها السعودية هو مشروع الاعتدال السني لمواجهة التطرف الذي تتحدث عنه بعض القوى الاقليمية الداعمة لفصائل مسلحة تم انشاؤها لمواجهة الشيعية السياسية، التي امتدت من العراق الى سورية فإيران. مشروع الاعتدال هذا يتطلب وجود تيارات سنية معتدلة كتيار المستقبل حيث من المتوقع أن يعود الرئيس سعد الحريري الى الساحة السياسية بغطاء دولي ودعم عربي للتأسيس لمرحلة جديدة من لبنان، وغير ذلك يعتبر بالنسبة للمصادر المعارضة مضيعة للوقت لأن قطار المشاريع المتطرفة سيطرق من جديد الابواب اللبنانية.