النزوح السوري ومعوقات العودة: فوضى أمنية ولا “دولار”

كان لافتاً ما أصدرته دولاً متعددة منها أوروبية حول تعليق استقبال طلبات اللجوء من السوريين، كفرنسا واليونان والمانيا التي تذرّعت بـ “عدم وضوح الوضع” في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد الذي انتهى به المطاف لاجئاً الى العاصمة الروسية موسكو.

وحكاية اللجوء السوري في الشتات عمرها من عمر اندلاع الثورة السورية التي تحوّلت إلى حرب أهلية دمويّة استمرت 13 عاماً وأدّت إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، مع تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ متصارعة بين فصائل مختلفة.

وبعد عقد من المعاناة لا تبدو العودة الى الديار “ميمونة” وسهلة بالرغم من الفرح الذي غمر السوريين المشرّدين في مختلف أصقاع الأرض مع دخول سوريا مرحلة انتقالية معقّدة، حيث يتحتّم على الفصائل المعارضة المختلفة الاتفاق على كيفية إدارة البلاد في حقبة ما بعد الأسد، ومنها “هيئة تحرير الشام” التي من المتوقع أن تتنافس مع فصائل كرديّة وأقليّات أخرى منها درزيّة وعلويّة لتولّي الحكم.

في لبنان، طُرحت مسألة العودة مباشرة كملف أساسي لإنقاذه من ثقل وعبء النازحين السوريين، وانتفاء السبب الذي من أجله نشأت أزمة اللجوء السوري، إلا أن هذه العودة لا تبدو على النحو السهل الذي يمكن تصوّره، بالرغم من القرب الجغرافي بين البلدَين والإجراءات الخاصة والتسهيلات التي قدّمها الأمن العام اللبناني لجهة تخفيف القيود الأمنية التي كانت مفروضة سابقاً على العائدين، وتكشف أوساط متابعة عبر “ليبانون فايلز” انه من غير المتوقع أن يعود جميع النازحين السوريين في الوقت

الحالي، خاصة في ظلّ الفوضى المستمرة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، على الرغم من التحسّن النسبي في بعض المناطق، ويعود ذلك الى عوامل عديدة تمنع عودة الجميع بشكل كامل وسريع وفي مقدمتها الوضع الأمني غير المستقر واستمرار الفوضى الأمنية في بعض المناطق بما يثير مخاوف لدى النازحين من تعرضهم للابتزاز أو العنف.

من جهة اخرى، تعتبر العديد من العائلات السورية أن عودتها لا تزال متعثرة في ظل غياب البنية التحتية الأساسية في العديد من المناطق التي دمرت خلال الحرب والتي لا تزال تفتقر إلى الخدمات الأساسية مثل المياه، الكهرباء، التعليم، والرعاية الصحية الى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بخاصة أن الاقتصاد السوري يعاني من انهيار كبير، مما يجعل من الصعب على العائدين تأمين سبل العيش في ظلّ غياب فرص العمل، ويضاعف من تردّد النازحين في العودة وبقاء العديد منهم في لبنان بهدف العمل في ظل تفاوت الأجور الكبير بين البلدَين وتقاضيهم في لبنان الأجور بالعملة الصعبة أو “الدولار”.

Exit mobile version