بينما يواصل مئات من أهالي المعتقلين السوريين البحث عن مصير أحبائهم الذين فقدوا منذ سنوات في السجون أو المعتقلات، وجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحذيرًا مهمًا للأسر المكلومة، داعية إياهم إلى الامتناع عن البحث عن جثث المفقودين أو نبش المقابر بشكل فردي، تجنبًا لتعطيل عمليات التعرف على الجثامين ومخاطر أخرى. وقال كريستيان كاردون، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تصريح صحافي: “الملف المتعلق بالمفقودين ليس محوريًا في الوقت الحالي فقط، بل سيبقى ذا أهمية في المستقبل”، مضيفًا أن هذه القضية تتطلب تعاونًا من كافة الأطراف المعنية. وأكد كاردون أن “الجهود الفردية للبحث عن الجثث قد تعيق الجهود الرسمية لالتقاط العينات البيولوجية وتحليل الجثث، وهو ما يضر بفرص تحديد هوية الأشخاص المفقودين بشكل دقيق عبر الطرق الشرعية والطبية المتخصصة”. وأشار كاردون إلى أنه بالرغم من أن الأسر قد تشعر برغبة كبيرة في البحث عن أحبائهم في الأماكن التي كانت مغلقة طوال سنوات الحرب، إلا أن اللجنة الدولية تحثهم على التحلي بالصبر والاعتماد على الطب الشرعي في هذه المسألة، إذ أن أي خطوة غير مدروسة قد تؤدي إلى فقدان فرص تحقيق العدالة وحفظ حقوق الضحايا. وفي سياق متصل، شدد كاردون على أهمية الحفاظ على سجلات المعتقلين، التي تحتوي على معلومات حيوية حول مصير الآلاف من المعتقلين، الذين قد يكونون قد فارقوا الحياة في السجون أو في ظروف قاسية أخرى. وقال: “إن الحفاظ على هذه السجلات داخل السجون أو الأماكن التي كانت تستخدم للاحتجاز، أمر بالغ الأهمية لتسوية هذه القضية ومعرفة مصير المفقودين بشكل قانوني وعادل”. ولفت كاردون إلى أن اللجنة الدولية تعمل على التواصل المستمر مع الأطراف المعنية داخل سوريا، بما في ذلك الجهات النافذة، لضمان حماية هذه السجلات والحفاظ على الشفافية في التعرف على المفقودين. وأضاف أنه يتعين على “أي شخص يمتلك السلطة في الوقت الراهن داخل سوريا، أن يتأكد من حماية المباني التي تحتوي على هذه الوثائق الحيوية، لضمان تسهيل العمل في المستقبل”. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعلنت في وقت سابق أن فريقها قد تمكن من زيارة سجن صيدنايا في سوريا، حيث لاحظ أن العديد من الوثائق المتعلقة بالمعتقلين قد تضررت وفتتت بسبب الإهمال والظروف القاسية التي تعرضت لها. وقال كاردون: “إن الوضع في السجون السورية كان بالغ الصعوبة، حيث عانى المعتقلون من ظروف احتجاز قاسية لسنوات طويلة، وما زال تأثير ذلك واضحًا على الأماكن التي كانوا يقبعون فيها”. على صعيد آخر، كشفت بعض الفصائل المسلحة التي تولت السلطة في سوريا بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من الشهر الحالي، عن اكتشاف عشرات الجثث التي تعود إلى معتقلين سابقين في مستشفى حرستا بدمشق، ما زاد من صعوبة مهمة تحديد هوية هذه الجثث بسبب التحلل والدمار الذي لحق بالأجساد نتيجة سنوات من الإهمال. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد كثفت جهودها في الأيام الأخيرة للتحدث مع المعتقلين المحررين وأسرهم في محاولة لمساعدتهم في لم شمل العائلات من خلال البحث عن الأسماء المفقودة، في وقت تبذل فيه جهود لإطلاق سراح المزيد من المعتقلين من السجون السورية. بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في الثامن من الشهر الجاري، وبدء تولي الفصائل المسلحة السيطرة على العديد من المدن السورية، كانت أوضاع المعتقلين والمفقودين أحد القضايا الكبرى التي تحظى باهتمام محلي ودولي. حيث شهدت الأيام الماضية عمليات إطلاق سراح واسعة للمعتقلين الذين ظلوا في السجون تحت ظروف غير إنسانية، وأدى ذلك إلى تدفق العديد من العائلات إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام بحثًا عن أخبار عن أحبائهم. في السياق ذاته، تواصل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتعاون مع الأمم المتحدة والجهات المعنية الأخرى، العمل على ملف المفقودين في سوريا، وتنسيق الجهود من أجل إجراء تحقيقات قانونية حول مصير المعتقلين السابقين والعمل على تحديد هويتهم. |