اخبار محلية

هل تتمدّد ثورة سورية نحو لبنان

لم تدم ثورة السابع عشر من تشرين الاول عام 2019 في لبنان طويلا، فسرعان ما تمكنت القوى والاحزاب السياسية من تطويقها مستفيدة من سن المراهقة السياسية للقيّمين على هذا الحراك، ومغالاتهم بتوصيف الواقع والتصويب على جهات محددة دون الأخرى ليتبين لاحقا أن هؤلاء كان لهم هدف واحد وهو الوصول الى السلطة.

دخل لبنان بعد أحداث السابع من اوكتوبر مرحلة جديدة وخطيرة وهي مرحلة تصفية الحسابات بين المكونات السياسية. فحزب الله الذي كان المرجع السياسي الاقوى داخل مؤسسات الدولة اللبنانية وصاحب القرار الأوحد في الحكومة والرئاسة ومجلس النواب، بات اليوم مجرد موقف على منصة أو أمام عدسة الكاميرات لنائب فيه أو مسؤول، بعد أن مُني بخسارة كبيرة على دفعتين: الاولى في لبنان نتيجة العدوان الاسرائيلي الذي اطاح بمنظومة الحزب الدفاعية وأدى الى خسائر بالجملة في صفوف العناصر، والثانية في سورية حيث فقد مع سقوط نظام بشار الاسد ورقة مهمة تتعلق بطريق الامداد لمخزونه الاستراتيجي من الصواريخ. ورغم تأكيد المسؤولين في الحزب وتشديدهم على قوته كمؤسسة فاعلة في لبنان وقدرته الدائمة على إيلام العدو متى قرر الاخير العودة الى الحرب وإسقاط اتفاق وقف اطلاق النار، الا أن ما يحصل اليوم في لبنان ينفي جملة وتفصيلا ما يقوله الحزب. فالطيران الحربي الاسرائيلي يسرح ويمرح في الاجواء اللبنانية والتوغلات البرية مستمرة واستهداف القرى وتفخيخ البيوت لم يهدأ منذ انخراط اسرائيل في عملها العسكري داخل لبنان.

واقع الحال ينبئ اليوم بتغيير دراماتيكي في لبنان نتيجة تمسك حزب الله بخطابه وامتناعه عن التسليم بالقرار الدولي القاضي بانهاء دوره العسكري

والانخرط في العملية السياسية اللبنانية، وهو ما يقوله مصدر دبلوماسي أمام قوى سياسية لبنانية، متحدثا عن سيناريو خطير يعد للبنان في حال فشل وقف اطلاق النار أو رفض حزب الله الرضوخ للقانون اللبناني والدخول في حوار سياسي مع القوى الداخلية تحت سقف الدولة.

ويشير المصدر الدبلوماسي الى أن التغيير الذي جرى في سورية سينسحب نحو لبنان وفق سيناريو من اثنين: فإما يتم التوافق على نظام جديد في سورية على أساس وحدة الدولة المركزية وتتقاسم المكونات الطائفية نظام الحكم وتكون الصلاحيات الأكبر بيد رئيس الحكومة السني، واما الذهاب نحو دولة الفدراليات حيث يتقاسم كل مكون سياسي منطقة نفوذه، وهذا السيناريو هو الاخطر كونه يأتي بعد حرب اقتتال داخلية تدخل فيه مجموعات متطرفة ويكون قريبا من النموذج الليبي. السيناريو الثاني يتم التسويق له من قبل اسرائيل التي بدأت تعمل عليه منذ اليوم الاول لاسقاط النظام وقد عمدت الى تدمير البنية العسكرية للجيش السوري في خطوة تسهل عمل المجموعات المسلحة والقوى العسكرية على حساب الجيش النظامي. وتمهد الخطوة الاسرائيلية الطريق للخلافات والانقسامات بين المجموعات التي تنضوي تحت راية جبهة النصرة وداعش ضد الفئات المدنية السورية والتي تضم مثقفين وسياسيين علمانيين وجيش حر.

هذا السيناريو سيكون له انعكاسات كبيرة على لبنان خصوصا وأن الاحتفالات المرافقة لسقوط الاسد في سورية وتحديدا في المدن السنية، ومظاهر السلاح التي غطت الشوارع في طرابلس وعكار احتفالا بالـ “جولاني” مؤشر برأي الجهات الامنية لحالة عطف كبيرة داخل هذا الشارع الذي يميل الى الراديكالية بعد ان سحبت دول الاعتدال يدها وانكفأت عن لبنان.

من هنا، فإن التجاذب التركي السعودي على الاراضي السورية ان حصل سيكون حاضرا في لبنان، وهو ما يخشاه الجميع ويرفضه الشارع السني

المعتدل محذرا من اعطاء أي ذريعة لمؤيدي النظام السابق أو محور ايران ليعودوا الى السلاح بحجة “التطرف السني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com