سيناريوهات قاتمة… حكم الأقليات انتهى

“ليبانون ديبايت” – فادي عيد

يرى مصدر سياسي واسع الإطلاع، ومتابع لمجريات الأوضاع على الساحة السورية، بأن كل ما يُكتب ويُقال حول الحدث السوري الكبير، لا يرتقي إلى مستوى ما حصل وتردّداته على أكثر من ساحة في المنطقة، ولا يفي ما حصل فجر الأحد الماضي حقّه، إذ أن ما حصل بالفعل هو أن حكم الطائفة العلوية هو الذي انتهى في سوريا، أي حكم الأقليات، وأن الأكثرية التي حكمت بالأمس في العراق، تتّجه للحكم في سوريا.

ومن هنا، ورداً على ما يُطرح حول واقع المسيحيين في سوريا ووضع الأقليات، بات واضحاً أن المعادلات قد تبدّلت، وكذلك الإصطفافات السياسية والطائفية أيضاً، في ظل ما ظهر من تعاطف مسيحي وسنّي مقابل حذر شيعي بعد سقوط نظام بشار الأسد، وبالتالي، فإن المرحلة المقبلة ضبابية المعالم ولا تخلو من المخاوف في ظل أزمات عدة بدأت تلوح في الأفق اللبناني على وجه الخصوص.

ومن ضمن هذا السياق، يأتي الحديث الدبلوماسي الجديد الذي يصدر عن عواصم المنطقة، بحسب المصدر المطلع، والذي يكشف عن أن الخطاب الإيراني، كان الأول الذي تغيّر، فبعد الإنسحاب من سوريا أتى الإنتقاد الإيراني للنظام السوري، ثم بدأت تكرّ المواقف العربية التي دعمت الشعب السوري مباشرةً، فيما سارعت تركيا إلى الحضور على الأرض ولو عبر مدير مخابراتها.

لكن هذا التحول لم ينسحب على الخارطة اللبنانية حيث أن الحذر من القادم من الأيام إلى الساحة المحلية من البوابة السورية، قد قلب المقاييس، حيث تقرّ مرجعيات كبرى بأن لبنان يتّجه نحو مرحلة جديدة على أكثر من مستوى، في ظل المعطيات التي أشارت إلى إعادة أكثر من عاصمة إقليمية لحساباتها في المنطقة، ومن ضمنها لبنان، إذ أن خريطة الشرق الأوسط الجديدة تتكرّس بالدم على أرض الواقع، ومن الصعب مواجهتها أو إسقاطها.

وأكثر من سؤال يبدو مطروحاً من خلال هذه الخريطة، وهي تتناول اليوم التالي في العلاقات ما بين لبنان وسوريا التي تشهد تحوّلات كبرى، ذلك أن الحدود الشرقية والشمالية قد باتت بيد أطراف جديدة، ولا بد وأن تنعكس العلاقات معها على الوضع الداخلي، خصوصاً مع ما برز من انقسام في القراءات لما سيكون عليه اليوم التالي، بين فريقٍ يتحدث عن سيناريوهات قاتمة ويتخوف من امتداد الفوضى في حال حصولها في سوريا، وفريقٍ يرحب بانتصار المعارضة في سوريا ويتوقع أفضل العلاقات مع السلطة الجديدة.

وانطلاقاً مما تقدم، يجري الحديث في لبنان عن أولوية بدأت تفرض نفسها على كل الأطراف الداخلية، وهي البحث عن قواسم مشتركة في المقاربات السياسية التي سيكون على كل هذه الأطراف اعتمادها، بالنسبة إلى رسم السياسة الخارجية على مستوى العلاقات مع السلطة الجديدة في سوريا، وهو ما سيكون التحدي الأول الذي سيواجهه عهد رئيس الجمهورية العتيد.

Exit mobile version