الجولاني يرفض دعوات المشاركة في الحكومة الجديدة
الجولاني يرفض دعوات المشاركة في الحكومة الجديدة
بعد أقل من أسبوعين على إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والذي تم على يد إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع، والمكونة من هيئة تحرير الشام وعدد من الفصائل المسلحة المتحالفة معها، تُواصل سوريا مرحلة هامة من إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية. ورغم المدى القصير لهذه المرحلة، فإن الدعوات لتشكيل حكومة جامعة والحوار الوطني الشامل قد تصاعدت، حيث أطلقت هيئة التفاوض السورية دعوة جديدة لتحقيق هذا الهدف، من أجل إعادة بناء سوريا على أسس توافقية تضمن إشراك جميع الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي.
وفي هذا السياق، كشف بدر جاموس، رئيس هيئة التفاوض السورية، عن أن إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع لم تتجاوب بعد مع الدعوة التي أطلقتها الهيئة لإجراء حوار شامل يهدف إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمثل جميع أطياف الشعب السوري دون استثناء. وأوضح جاموس أن الهيئة تسعى لتوحيد القوى الوطنية السورية، مع التأكيد على أن هذا التوجه يهدف إلى بناء وطن جامع يعكس تطلعات الشعب السوري في مرحلة ما بعد الأسد.
وأضاف جاموس في تصريحات لـ”العربية” أن هيئة التفاوض كانت قد أجرت سلسلة من الاجتماعات على مدار الأسابيع الماضية، بما في ذلك لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تم خلاله مناقشة التحديات الحالية والسبل المستقبلية للمضي قدماً في تحقيق تطلعات السوريين. وأكد جاموس أن الحوار الوطني يمثل خطوة ضرورية نحو التأسيس لحكومة وطنية انتقالية، مشيراً إلى أن الأولوية يجب أن تكون للعدالة الانتقالية، التي وصفها بأنها “ضرورة” وليست “خياراً”، في سبيل ضمان حق الشعب السوري في محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت بحقهم.
وأشار جاموس إلى أن النقاش حول الحكومة القادمة يجب أن يشمل جميع الأطراف التي شاركت في الثورة السورية أو التي لعبت دوراً في إسقاط النظام، ولكن مع التأكيد على أن نظام الأسد لا مكان له في المستقبل السياسي للبلاد. وأضاف أن رفاق الدرب، وهم القوى السياسية والمسلحة التي ساعدت في إسقاط النظام، يجب أن يكون لهم دور فاعل في العملية السياسية القادمة، مع التأكيد على عدم تهميش أي طرف من الأطراف المؤثرة في الساحة.
وقال جاموس: “من حق السوريين أن يجتمعوا ويقرروا مستقبلهم بعيداً عن سيطرة النظام أو التدخلات الخارجية. نحن بحاجة إلى مؤتمر وطني شامل من أجل توحيد الصفوف والوصول إلى حكومة انتقالية شاملة، يمكنها تمثيل جميع فئات الشعب السوري”، مؤكداً في الوقت نفسه أن إجراءات العدالة الانتقالية يجب أن تكون حجر الزاوية في هذه المرحلة الانتقالية.
وفيما يخص آفاق الحوار السياسي والمفاوضات، شدد جاموس على أن قرار مجلس الأمن 2254 الذي يدعو إلى حل سياسي للأزمة السورية، يشكل خارطة الطريق لتحقيق تطلعات الشعب السوري، مشيراً إلى أن الهيئة تؤمن بأن هذا القرار يمثل السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية وتحقيق انتقال سياسي حقيقي.
وأكد جاموس أن المعركة التي خاضتها فصائل المعارضة، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، لم تكن فقط معركة عسكرية ضد النظام، بل كانت أيضاً معركة سياسية وقانونية، تهدف إلى تأسيس دولة سورية جديدة تستند إلى العدالة والمساواة وتضمن حقوق جميع المواطنين السوريين، في ظل ما وصفه بـ “المظلومية” التي عانى منها الشعب السوري طوال سنوات النزاع. وأوضح أن الهيئة ستواصل الضغط على المجتمع الدولي من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، الذي يدعو إلى مفاوضات سياسية شاملة وإنشاء حكومة انتقالية، بالإضافة إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
في الوقت نفسه، عقدت هيئة التفاوض السورية اجتماعات مع ممثلين من الاتحاد الأوروبي، حيث ناقش الجانبان ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وتناولوا سبل دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية في سوريا وتقديم المساعدة الإنسانية للمناطق المتضررة.
وقد دعت الهيئة في بيان لها إلى ضرورة أن تكون المفاوضات مع كافة الأطراف شاملة، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو العسكرية، وأكدت على أهمية مشاركة جميع المكونات السورية في عملية إعادة بناء البلاد بما يحقق العدالة والشفافية.
في الأسبوعين الماضيين، شهدت سوريا تحولاً مفاجئاً في ميزان القوى، بعد أن تمكنت إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع من إسقاط النظام السوري الذي كان بقيادة بشار الأسد، بعد سنوات من القمع والعنف ضد المعارضة. وقادت هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الأخرى عملية إسقاط النظام، مما مهد الطريق لتشكيل حكومة مؤقتة جديدة، وهي الخطوة التي أثارت جدلاً داخلياً وخارجياً حول شكل النظام السياسي المقبل في سوريا.