هذا ما تخفيه الكتل النيابية قبل الجلسة المصيرية
إقترب موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ولم يقترب الفرقاء السياسيون من التوافق على مرشح جدي يحظى بتأييد غالبية الكتل النيابية، إذ لم يُسجّل حتى اللحظة أي تقدم “رئاسي” يبشر بصعود الدخان الأبيض من جلسة 9 كانون الثاني 2025.
وإذا سلمنا جدلاً أن قائد الجيش العماد جوزف عون هو من يتصدر قائمة المرشحين الجديين كما يشاع، فإنه في الوقت نفسه يواجه عدة عقبات تحول دون ترئيسه، أهمها أنه لا يزال يواجه رفض الثنائي الشيعي وحلفائه إضافةً إلى “فيتو” التيار الوطني الحر. وإذا كان معظم النواب السنّة يفضلون الذهاب نحو انتخاب المرشح “التوافقي”، فإن الجنرال عون لا يملك هذه الصفة.
وإذا كانت هذه حال “أبرز المرشحين” أي قائد الجيش، فما بالك بالبقية. فكثرة الطامحين لمنصب الرئاسة وغموض غالبية الكتل وعدم الكشف عمّا تضمره، يزيد من تعقيد المشهد الرئاسي ويجعل من جلسة 9ك2 كسابقاتها من الجلسات التي انتهت بخيبة.
واذا أرادت الكتل النيابية فعلاً لا قولاً أن تنقذ جلسة 9ك2 فعليها أولاً الإقتناع بضرورة “التوافق”، وأن يتوقف كل فريق عن محاولة نصب “كمين رئاسي” للفريق الآخر. فالمسعى “الخفي” الذي يقوم به الثنائي لجمع 65 صوتاً لمرشحه المفضل بعد فرنجية، أصبح معلوماً من الجميع وهو يواجه عقبات جمّة رغم كل الإيحاءات والإغراءات التي يواكب فيها الموفد القطري هذه المحاولة، ناهيك أن ذلك سيكون بمثابة إطلاق رصاصة في الرجل في ما لو تمّ، إذ انه يأتي لتكريس مرشح من طرف واحد لـ8 آذار في الوقت الذي تبدو فيه بأمسّ الحاجة لفكّ عزلة لبنان وفتح أبوابه على الإستثمارات والحركة الدولية خصوصاً بعد نكبة الحرب التي ألمّت بها وبمجتمعها.
أمّا خيار التأجيل الذي تميل إليه “القوات اللبنانية” ريثما تتبلور ظروف أفضل كتطوّرات اقليمية دراماتيكية تعزّز فرص الدكتور سمير جعجع للوصول إلى الرئاسة، فهي أيضاً رهانات مبالغ بها لأن أسوأ ما حصل لفريق الثنائي بعد نكسة الحرب وسقوط نظام بشار الأسد، لم يصل إلى حدّ انقلاب كلّي لموازين القوى في المجلس النيابي إذ أن خسارة الثنائي لبعض الحلفاء ذهب لصالح الكتل الوسطية وليس لصالح المعارضة.
أمّا قفز رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على كل الحبال، تارةً بمجاراة الثنائي ودعم أي مرشح لهما غير فرنجية، وتارةً أخرى بالتلويح بدعم جعجع الى الرئاسة “لابتزاز” الثنائي، فهو لا يساعد في إنتاج رئيس بقدر ما يفقده مزيداً من المصداقية والوزن في المعادلة الرئاسية.
يبقى أن الموقف الأكثر اعتدالاً ومسؤوليةً حتى الساعة، هو لمجموعة الكتل الوسطية التي رفضت الإنجرار إلى أي من الإصطفافات وبقيت مصرّة على عدم انحيازها إلى مرشح أي من الفريقين إلاّ في إطار التوافق بين الطرفين الخصمين، أي المعارضة من جهة والثنائي من جهة أخرى، وهي بذلك تشكّل الضمانة الأكبر لحلّ توافقي في وجه كتل لم تستوعب بعد حجم التحوّلات التي حصلت وما هو مطلوب لبنانياً للتصدّي للتحديات الناتجة عنها.
“ليبانون ديبايت” – محمد المدني