مشروع البيوت الجاهزة للنازحين في الأدراج

في خضم الحرب الإسرائيلية على  لبنان، ومع نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص من مناطقهم ومنازلهم، بلغت القدرة الاستيعابية للمدارس الرسمية ومراكز الإيواء ذروتها، فقررت الحكومة إقامة بيوت جاهزة لإيواء النازحين في أراضٍ عامة مفتوحة، بالتعاون مع جهات مانحة بينها دول عربية.

يومها حدّدت وزارة الأشغال الأراضي العامة التي يمكن تشييد المنازل الجاهزة عليها، في ثلاث مناطق في  بيروت والبقاع والشمال “لتبقى كل العائلات قريبة من قراها، وكل ابن قضاء ضمن قضائه”.

وكانت قطر قد أبدت استعدادها لتمويل شراء هذه المنازل ونقلها من تركيا التي كانت قد خصّصتها لإيواء مواطنيها في المناطق المنكوبة بسبب الزلازل التي ضربت البلاد. ولكن مع تسارع الأحداث والإعلان عن وقف إطلاق النار، نام الموضوع في الأدراج محلياً وقطرياً خصوصاً بعدما لجأ النازحون في القرى إلى أقاربهم للسكن بغية البقاء في قراهم.

لكن مع حلول فصل الشتاء، عاد موضوع البيوت الجاهزة إلى الواجهة كحلّ مرحليّ، إذ ثمّة حديث ومطالبة بتوزيع “البيوت الجاهزة” على القرى والمناطق المدمرة نهائياً إلى حين إعادة بناء المنازل الأساسية، وذلك في إطار تحفيز المواطنين على البقاء في قراهم.

ولكن رئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين وعضو الهيئات الاقتصادية صلاح عسيران الذي كان يتولى التنسيق مع الجهات التركية لتأمين هذه المنازل للنازحين بتمويل قطري، أكد لـ”النهار” أنه صُرف النظر عن الموضوع خصوصاً أن اللبنانيين لا يحبّذون السكن في بيوت جاهزة. وأشار إلى أن الحديث عن استخدام هذه المنازل كحلّ موقت أو دائم للمنازل التي دُمّرت هو في غير محله، على اعتبار أن هذه المنازل يجب أن تتصل بشبكة صرف صحّي وشبكة كهرباء وهو غير متوافر في المناطق والقرى التي دُمّرت، لافتاً إلى أن “الخط الثاني من القرى الجنوبية التي تضررت منازلها بنسبة 25 أو 30% استعانوا بأقاربهم للسكن، أو بقوا في بيروت في انتظار الحصول على تعويض لإعادة ترميم منازلهم. أما الخط الأمامي الذي تناهز الأضرار في قراه الـ60% فثمة صعوبة مطلقة في السكن فيها خصوصاً أن التدمير إلى ازدياد خصوصاً بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، إذ تعمد إسرائيل إلى تدمير المنازل التي لم تكن تستطيع الوصول إليها قبل وقف إطلاق النار. وهذه القرى في حاجة إلى تمويل كبير، وتالياً فإن البيوت الجاهزة كحلّ دائم هو غير عملي. وبرأيه فإن “هذه المنازل يمكن استخدامها لإيواء النازحين موقتاً مع تأمين مولّدات كهربائية وربطها بأعمدة الكهرباء، ولكن في القرى ثمة صعوبة في تحقيق ذلك”.

نقيب المقاولين في لبنان المهندس مارون الحلو اقترح أن “تُستخدم البيوت الجاهزة لإيواء سكان القرى، كلّ قرب منزله، في انتظار تشييد منزله المدمّر”. وإذ أكد أن هذه المنازل تُستخدم في الأماكن المنكوبة التي تتعرّض لكوارث طبيعية، وهي مصنوعة من مادة الـ(PVC)، وهيكلها خفيف وعازل للمياه، قال إن “سعر المنزل يرواح بين 3 آلاف و10 آلاف دولار حسب حجمه ومواصفاته، ويمكن تركيب نحو 2000 بيت خلال أسبوع. وثمة منازل خشبية (شاليه) يمكن تركيبها في فترة قصيرة ولكن سعرها أغلى إذ يصل الى 30 ألف دولار وأكثر حسب مواصفاته”.

ولا يزال موضوع البيوت الجاهزة مدار نقاش وجدل قانوني، إذ إن القانون الذي يرعى موضوع الأبنية هو قانون البناء اللبناني الذي عُدّل عام 2004، لكنه لم يتناول البيوت الجاهزة سواء كانت من خشب أو أي مادة غير الباطون. وفي السياق رأى الخبير الاقتصادي جهاد حكيم أن ثمة عقارات لا يُسمح بالبناء فيها، وتالياً يمكن للبلدية منح رخص إذا أجاز لها القانون ذلك، ولكن المشكلة أنها غير مشمولة بالقروض السكنية.

وأشار الى أن المنازل الجاهزة حلّ مناسب ودائم ويمكن أن يكون حلاً دائماً للعائلات، مستنداً في ذلك إلى الخيار الذي اتخذه إيلون ماسك في الانتقال إلى بيت جاهز تبلغ مساحته 40 متراً مربعاً.

أحد أصحاب المؤسسات التي تتعامل ببيع وشراء المنازل الجاهزة كشف أن الإقبال على شراء هذه المنازل أصبح لافتاً، مشيراً إلى أن كلفة البيت الجاهز هي تقريباً ثلث كلفة البيت التقليدي إذ يصل سعر المتر المربّع للبيت الجاهز إلى 200 دولار فيما سعر المتر المربع من الباطون يناهز 400 دولار. وأشار الى إمكان الاستعانة بها لإيواء أصحاب البيوت المدمرة ريثما يعيدون بناء منازلهم، علماً بأن الشركات يمكنها تسليم البيت خلال شهر واحد وهي ليست في حاجة إلا إلى ترخيص من البلدية خصوصاً إن كانت مساحته تقلّ عن 150 متراً مربعاً.

اليوم، حكومة تصريف الاعمال باتت تصرف الاعمال اكثر من اي وقت مضى، مع قرب ولادة حكومة جديدة، وبالتالي فانها ليست في وارد اتخاذ اي قرار جديد، ما يعني ان الملف رحّل الى الايام وربما الاشهر المقبلة، وربما يطوى الى غير رجعة.

النهار – سلوى بعلبكي

Exit mobile version