سيناريو ما سيحصل للبنانيّين بعد رفع الدعم
المصدر: ام تي في
عينُ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان، فهو يرفض بحزم رفع الدعم ما لم يتم تأمين البديل للمواطن. ولا بديل متوفراً حتى الآن. هذا الرفض يُواجهه رفض مصرف لبنان المسّ بهذا الإحتياطي لما يشكل هذا الاجراء من مخالفة للقانون. كباش دياب – سلامة مستمر حتى انتهاء الـ800 مليون دولار والتي من المتوقع أن تنتهي بحلول آخر أيار. وأمام هذا الواقع هدّدت نقابة المحامين بملاحقة مصرف لبنان والحكومة إنّ تمّ المسّ بالإحتياطي الإلزامي (البالغ 16 مليار دولار أميركي). الوقت يمّر سريعاً وكلّ ما يُحكى عن خطة لترشيد الدعم لا يزال سراباً والمواطن هو الضحية.
على خلاف ما يحصل في لبنان من تأمين دولارات من إحتياطات مصرف لبنان على السعر الرسمي أو سعر المنصة، الدعم في عالم الاقتصاد هو عبارة عن مُساهمة تقوم بها الحكومة من خزينة الدولة لمُساعدة فئات في المُجتمع، عادة ما تكون الفئة الأكثر فقراً، على إستهلاك سلعة أو خدمة مُعينة.
وكما “الدعم”، تمّت لبننة “ترشيد الدعم”: تخفيف حجم الدولارات التي يُقدّمها مصرف لبنان إلى التجّار والصناعيين والمزارعين بغية إستيراد المواد والسلع، يعني تخفيف وتيرة إستنزاف إحتياطات المركزي نظرًا إلى أن الأزمة الحالية لجمت بشكل كبير تدفقات الدولار إلى لبنان.
وعليه فإنّ تخفيف كتلة الدولارات المُقدّمة من مصرف لبنان، وفق ما شرح الباحث الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لموقع mtv، يعني أمراً من إثنين:
– تخفيف عدد السلع والبضائع التي تستفيد من دولارات مصرف لبنان.
– و/أو نقل الدعم إلى مكانه الطبيعي أي خزينة الدولة من خلال البطاقة التمويليّة.
تفاصيل خطة ترشيد الدعم لا تزال غامضة، والمعلومات المتداولة تقتصر على أنّ عملية الترشيد ستتمّ من خلال وقف تدّريجي لتأمين الدولارات على أن يحّل مكانه بطاقة تُموّل من قرض البنك الدولي لمدّة عام أو عامين كحدٍ أقصى.
وفي حديث مع موقع mtv الالكتروني، أوضح عجاقة أنّ عملية الترشيد تقضي بخفض مصرف لبنان نسبة الدولارات التي يؤمّنها على السعر الرسمي أو سعر المنصة بشكل تدّريجي، على أن يقوم التجّار بشراء الدولار المتبقي من المنصّة التي ستنطلق في الأيام المقبلة.
ولفت عجاقة إلى أنّ هذه الآلية ستؤدي إلى ارتفاع سعر السلع والبضائع بالليرة اللبنانية، قائلاً:
“كل رفع للدعم بنسبة 5% على سعر صفيحة البنزين (المدعومة بنسبة 90%) يرفع سعرها 8000 ليرة لبنانية.
وإذا رُفع الدعم بالكامل سيُصبح سعر الصفيحة على سعر النفط العالمي (كما هو اليوم) 184 ألف ليرة لبنانية.
وأي ارتفاع بسعر النفط العالمي، سينعكس إرتفاعاً مزدوجاً: من جهة السعر بالدولار ومن جهة أخرى التحويل من الدولار إلى الليرة”.
ورأى عجاقة أنّ الآلية المثالية للرقابة على خطة ترشيد الدعم تنصّ على نقل كل العمليات المالية للتجّار إلى القطاع المصرفي
مع وحدة رقابة مُشتركة تضمّ وزارة الاقتصاد والتجارة، الجمارك، وزارة المال، والأجهزة الأمنيّة.
وأشار إلى أنّ “هذه الوحدة تشترك بقاعدة بيانات تسمح لها بملاحقة التجار المخالفين،
خصوصًا إذا ما إستمرّ دعم مصرف لبنان لبعض السلع والبضائع”.
وإذ توقع عجاقة “أن يكون المواطن وحيداً في مواجهة جشع التجار ما لم يتمّ إقرار البطاقة التمويليّة”، قال:
“الأسعار سترتفع بشكل جنوني وسيكون تأثيرها كارثياً على المواطن، ففاتورة السوبرماركت لعائلة من 4 أشخاص
هي مليون ليرة في الأسبوع وهذه الفاتورة ستضرب بأضعاف إذا ما تمّ رفع الدعم من دون بديل”.
وعن دور المنصة التي سيُطلقها مصرف لبنان في الأيام المقبلة في حال رُفع الدعم،
أوضح أنّ “المنصة تأتي في سياق لجم السوق السوداء وتحرير مُستقبلي لليرة اللبنانية،
وهي أساسية إن رُفع الدعم نظرًا إلى أنّ سعر الدولار عليها سيتسم بالثقة مقارنة مع سعر السوق السوداء.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه المنصة لملاحقة المهربين من التجار لما تحتويه من معلومات إنّ تمّ تشديد الرقابة”.
ويرفض عجاقة الدخول في محاكاة عما قد نراه من أسعار بعد رفع الدعم بالكامل،
إلاّ أنّه يكشف أنّ المدخول الشهري الضروري للصمود في هذه الحالة هو 20 مليون ليرة شهريًا.
في سياق متصل، كان لافتاً كلام رئيس الحكومة حسان دياب، الذي قال إنّه “سيتم تحديد مبلغ البطاقة التمويلية
التي ستتراوح بين مليون كحد أدنى و3 مليون كحدّ أقصى وذلك بحسب أفراد العائلة”.
هذا التصريح أتى على بعد أيام من تصريح له في عيد العمّال أعلن فيه أنّه ضدّ رفع الدعم.
يبقى أنّ إقرار البطاقة يحتاج إلى اجتماع لحكومة تصريف الأعمال وهو ما يرفضه دياب حتى الساعة.
وفي تعليق على تصريح دياب، قال عجاقة، “إذا تمّ إقرار ما بين مليون إلى 3 مليون في الشهر لـ 750 ألف عائلة،
فإن هذا يعني أن مصرف لبنان سيطبع ما بين 750 مليار إلى 2.2 تريليون ليرة لبنانية إضافية شهريًا.
وإذا كانت سلسلة الرتب والرواتب قدّ أدّت إلى ما نحن عليه،
فإن إقرار هذه المبالغ من دون تمويل خارجي يعني القضاء على الليرة بالكامل!”.
السلطة دفنت ضميرها، والدولار يتحكّم برقاب اللبنانيين وهو رهينة التهريب والقرار السياسي.
وإن ظنّ أحد أنّ ما نعيشه اليوم في لبنان هو جهنّم، فإنّ مقولة أكثر المتفائلين عما قد نشهده بعد رفع الدعم “سنترحم
على هذه الأيام” قد تطبع في أذهاننا صورة عن السيناريو الذي ينتظرنا آخر أيار.
العد العكسيّ بدأ…