هذا هو المُنتظَر.. فأين لبنان من “الثلاثيات”؟
المصدر: لبنان 24
نقل النائب فريد الخازن عن البطريرك الماروني بشارة الراعي تمسكه بثلاثية “الدستور والطائف والميثاق الوطني”، والتي يبدو أنها تأتي في معرض الرد على ثلاثية حزب الله وحلفائه القائمة على “الجيش والشعب والمقاومة “وكانت قوى 14 اذار قد طرحت في وقت السابق على لسان رئيس حزب القوات سمير جعجع وشخصيات سياسية اخرى ثلاثية “الدولة والجيش والشعب”.
إن تطور الخطاب السياسي الذي يعبر عن مواقف القوى تجاه الملفات الأساسية التي ينقسم اللبنانيون حولها، يشير إلى مناخات سلبية أخذة بالتفاقم يومآ بعد يوم، فبحسب مصادر سياسية، فان زج الميثاق والدستور بين العينة والأخرى في التصريحات والخطابات يرفع من مستوى الانقسام الى قضايا جوهرية ترتبط بالأسس التي يقوم عليها الكيان اللبناني وتتجاوز الخلاف بوصفه خلافا سياسيا تقليديا الى ما يتصل بامور مصيرية وتأسيسية.
يستبطن موقف البطريرك الراعي بصورة ضمنية اتهام أولئك الذين يختلف معهم على أنهم يعبثون بالدستور ويهددون الميثاق، فالذي يعبث بالدستور هو رئيس الجمهورية الجنرال ميشال عون الذي يتجاوز دوره في عملية تأليف الحكومة وهو من وجهة نظر الذين يختلفون معه، سبق أن عبث بالدستور عميقا عند الاستحقاق الرئاسي الذي أفضى الى انتخابه. اما الذي يهدد الميثاق، بحسب هؤلاء ايضا، فهو الثنائي الشيعي الذي يتهم بالسعي الى المثالثة. علما ان هذا المستوى من الانقسامات لا تخفى خطورته ويترك تأثيرات السلبية على مستوى تعبئة الشارع وتعميق المخاوف وتحريك الهواجس الطائفية ، وما على اللبنانيين الا أن ينتظروا اياما كي يشهدوا ردة فهل الطرف المستهدف، لجهة الخطاب والمواقف والتصعيد بهدف التوازن.
إن الدعوة إلى مؤتمر دولي حول لبنان لاقت ترحيبا وتحديدا من كتل نيابية وأحزاب سياسية محسوبة اليوم على المحور الوسطي، من منطلق ان الراعي، ووفق ما سمعوا منه، يهدف من دعوته إيجاد حل للازمة اللبنانية بعدما ضاقت السبل المحلية وسقطت الكثير من المبادرات، من هنا تقارب هذه الأحزاب طرح بكركي بطريقة ايجابية اذ لا يصح على الاطلاق ذهاب اي طرف الى تخوين الاخر كلما اختلف معه في وجهات النظر والرضى تجاه البلد، خاصة وانه بكركي لم تدع قط الى تدويل الازمة، هذا فضلا عن أن مؤتمرات دولية كثيرة عقدت في مراحل سابقة من تاريخ لبنان من جنيف ولوزان، مرورا بالطائف، وصولا الى سان كلو والدوحة وكلها هدفت الى حل الأزمة اللبنانية وانهاء الصراعات والحرب الاهلية.
ومع ذلك أثارت دعوة الراعي مخاوف عميقة لدى حزب الله، فهي وفق المقربين منه، تعيد التذكير بالقرار الدولي 1559 الذي أدى إلى تداعيات خطيرة لبنانيا ولأن من شأن خطوات كهذه أن تفتح الباب اللبناني على مصراعيه أمام التدخلات السياسية وربما غير السياسية الخارجية واستجلاب اشكال مباشرة وغير مباشرة من الوصايات الاممية والغربية.
ربما أمام ذلك، وبحسب مصادر سياسية معنية، على القوى السياسية كافة ان تسلك مسلكا أكثر أمانا وهو مسلك الحوار الوطني، فإذا لم تكن هذه اللحظة بتعقيدتها الخطيرة هي لحظة انعقاد الحوار الوطني لإعادة لململة المشهد المتشظي والاتفاق على خارطة طريق لتقريب المواقف وإعادة إنتاج تفاهمات وطنية تجاه القضايا المختلف عليها وتوفير السبل لإدارة آمنة للاستحقاقات المرتقبة على المستويات الحكومية والنيابية والرئاسية، لكن إذا أصرت الطبقة السياسية الحاكمة على منطق المكابرة أو دفن الرأس في الرمل أو الرهانات التي تنطوي على مستوى عال من المخاطر فإن ما ينتظر البلد لا تحمد عقباه.