اخبار محلية

تخوف أمني من إستغلال مواقف بكركي .. “الحزب” : “ما حدا فاضي هالإيام” …

المصدر: Agencies | لبنان 24

تتمسك البطريركية المارونية المشرقية، عبر التاريخ، بتكريس دورها كمرجعيةٍ على مستوى اللبناني، وليس على المستوى الماروني أو المسيحي حصراً. وغالباً تتماهى بكركي مع السياسات الدولية تجاه لبنان، وأبرز الشواهد التاريخية على ذلك، عندما إستضاف البطريرك الراحل بولس مسعد (1806 – 1890)، في مقر البطريركية في كسروان، بتاريخ 18 كانون الثاني 1867، قناصل الدولة الأجنبية، وممثل وزير الخارجية العثمانية داود باشا، وأعيان البلاد، لإبلاغ البطل اللبناني الإهدني الذائع الصيت يوسف بك كرم، بضرورة مغادرة البلاد، والإقامة في الجزائر، بناءً على عرضٍ مقدمٍ من السلطان العثماني آنذاك. وأكد المجتمعون في المقر البطريركي في حينه، “أن إبعاد كرم عن بلده، يهدف الى حقن دماء اللبنانيين”، ولكن كان الهدف الحقيقي والمستتر، هو إخماد المقاومة التي قادها كرم في وجه المحتل التركي، ورفضه لنظام “المتصرفية 1861″، الذي فرض حاكماً أجنبياً على جبل لبنان، بموافقةٍ دوليةٍ، نتيجة تدويل الأزمة اللبنانية، أثر مجازر 1860 بين الدروز والموارنة في لبنان وسورية . وكذلك حذا البطريرك الراحل نصرالله صفير، حذو البطريرك مسعد، عندما تماهى مع السياسات الدولية أيضاً، بعد موافقته على إتفاق الطائف في العام 1989، الذي كرّس الوصاية الخارجية على لبنان، وأفضى الى إبعاد القائد اللبناني الماروني السائر على نهج كرم، والعابر للطوائف والإيديولجيات في لبنان، والرافض للوصاية عليه أيضاً، العماد ميشال عون الى منفاه الفرنسي في آب 1991، بعد محاولة الإجهاز على حركته التحريرية الوطنية في 13 تشرين الأول 1990. وكان ثمن الموافقة على الطائف، هجرة 900 ألف لبناني من وطنهم ما بين العام 1990 والعام 2005، تاريخ خروج القوات السورية من لبنان، وكان جلّ هؤلاء المهاجرين من المسيحيين. ولم يشهد لبنان “حالة هجرة مسيحية” كهذه، حتى في زمن جمال باشا السفاح العثماني. أضف الى ذلك، فقد أقصى نظام الطائف المسيحيين عن موقع القرار في الدولة، بعد نفي الرئيس، كذلك أقدم أهل “الطائف” على إبعاد المسيحيين عن مختلف مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والإدارية، من خلال فرض قوانين إنتخابية، أدت الى وصول أحدى النائبات عن بلاد جبيل الى البرلمان، وهي مهى الخوري بـ 41 صوتاً في العام 1992، هذا على سبيل المثال لا الحصر. وفي السياق عينه، حاول “أهل الطائف” تحصين مواقعهم السياسية والشعبية، من خلال تناتش المواقع الإدارية المخصصة للمسيحيين في الدولة بحسب الدستور، وإسنادها لمحاسيبهم وأزلامهم. أمام هذا الواقع المتردي المذكور آنفاً، أطلق المطارنة الموارنة نداءهم الشهير في 20 ايلول من العام 2000، طالبوا فيه بتطبيق الطائف، خصوصاً لجهة البند المتعلق بانسحاب القوات الأجنبية من لبنان. وكما في السابق، كذلك اليوم، عند كل المحطات المصيرية والمفصلية والأزمات التي تشهدها البلاد، تؤكد البطريركية المارونية حضورها ودورها وموقفها كمرجعيةٍ لبنانيةٍ ومسيحيةٍ مستقلةٍ، علماً أن بات للمسيحيين زعيماً ومرجعاً، وهو رئيساً للبلاد راهناً، بإقرار من البطريرك صفير في العام 2005. فلاريب أن وصول العماد عون الى الرئاسة الأولى، من خلال نضاله وتفاهماته وتحالفاته الداخلية والخارجية، خصوصاً تحالفه مع فريق المقاومة، أعاد التوزان الوطني بين السلطات. أثر ذلك، بذل ويبذل فريق الرئيس عون والتيار الوطني الحر، قصارى جهودهم في سبيل إستعادة حقوق المسيحيين، فإتحد “أهل الطائف” وأدواته مجدداً، لمواجهة العماد عون وفريقه. والمقلق اليوم، هو إستغلال هؤلاء الأدوات، وفي مقدمهم “القوات”، لمواقف البطريرك بشارة الراعي، الداعية الى ضرورة حل الأزمة اللبنانية، تحديداً الشق السياسي منها، من خلال تدويلها، عبر الطلب من المجتمع الدولي التدخل على خط هذه الأزمة، لتنفيذ أجنداتهم. وما يثير الريبة، هو إتخاذ قادة الميلشيات والمحاور كسمير جعجع وأشرف ريفي لمواقف “بكركي”، غطاءً لمواجهة الرئيس عون وحلفائه، ودفع البلاد الى المجهول، خصوصاً أن هؤلاء عقدوا آمالهم على نجاح خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، التي تهدف الى إحداث إنهيار إقتصادي، يلحقه إنهيار أمني، يؤديان الى فراغ سياسي في لبنان، ويمهد ذلك الى تدخلٍ دوليٍ، لإنهاء حال المقاومة فيه، بحسب رأي مرجع في فريق المقاومة. ويرجّح أن تكون زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى بكركي في الساعات الفائتة، لضرورة تنبه البطريرك من إستغلال أي طرف لمواقفه، واللعب بالورقة الأمنية، على حد تعبير المرجع.
وفي هذا الصدد، يؤكد مصدر مسؤول قريب من موقع القرار في حزب الله، احترام الحزب لخصوصية مختلف المكونات اللبنانية، ومراجعهم الدينية، مشبهاً “حركة البطريرك الراعي” الراهنة، بأنها محاولة لإحياء حركة البطريرك الراحل صفير ما بين العام 2000 و2005، مروراً برعاية “قرنة شهوان”، مع فارق ٍ كبيرٍ في هذه المرحلة، هوأن لبنان ليس في سلم أوليات السياسة الخارجية الأميركية والغربية في المنطقة، معتبراً أن الأولوية هي، لإعادة تفعيل الإتفاق النووي الإيراني، وترتيب الوضع في اليمن، والعلاقة مع المملكة السعودية، بالتالي “ما حدا فاضي هالإيام”، يختم المصدر.

حسان الحسن – الثبات

مَن إستمع إلى كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، في “سبت بكركي”، أدرك أن هذا الكلام لم يكن نتيجة ظروف آنية أو ابن ساعته، بل هو موقف ثابت للبطريركية المارونية بإعتبارها تنطق بإسم جميع اللبنانيين، الذين يؤيدون حياد لبنان عن الصراعات الخارجية، ويدعمون الدعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة الحياة إلى الوطن الصغير المسلوبة إرادته بفعل الخلافات الداخلية، التي لم توصل سوى إلى الحائط المسدود. 


قال البطريرك الماروني بالأمس كلامًا تاريخيًا وكانت مواقفه لافتة، خصوصًا أنها لم تأت في إطار تحدّي أي مكّون من المكونات اللبنانية، مع أنه وضع النقاط على الحروف في كل المسائل، التي تتعلق بالسيادة ووحدة الشعب والمؤسسات، وتوقّف عند المفاصل الأساسية، التي تجعل لبنان يتراجع إلى الوراء بدلًا من أن يتقدّم خطوات إلى الأمام، وكان واضحًا في الأمور التي لا تقبل “المزاح” والمسايرة، فكان كلامه حفرًا وتنزيلًا، خصوصًا عندما تحدّث عن “أننا نواجه محاولة إنقلاب على إتفاق الطائف”، الذي أنهى الحرب في لبنان. 


فـ “يوم سبت بكركي” قد تقابله أيام أخرى لغير طرف لبناني، سواء أكان مؤيدًا لطروحات البطريركية المارونية أو من يخالفها الرأي، وبالأخص “حزب الله”، الذي يعارض من حيث المبدأ حياد لبنان والدعوة إلى مؤتمر دولي. وفي الإعتقاد أن قادة الحزب الذين إستمعوا إلى كلام الراعي بدقة وتمعن، أعادوا الإستماع إليه مرّة وأثنتين، وذلك من أجل التأسيس عليه، بإعتباره كلامًا لا يُقال كل يوم، وإن كانت القناعات ثابتة اليوم وأمس وغدًا، وهو سيكون مدار مناقشة داخلية وفي إطار التقييم، تمهيدًا للردّ عليه من خلال تعاميم داخل كوادر الحزب للإلتزام به، مع العلم أن ثمة جوًّا يوحي بأن الحزب يتجه إلى التعاطي مع كلام الراعي بموضوعية، مع الإقرار بأن ما يجمع بين اللبنانيين أكثر مما يفرقهم، على رغم عدم موافقة الحزب على موضوعي الحياد والمؤتمر الدولي، وذلك إنطلاقًا من ثوابت كل مكّون من المكونات اللبنانية. وان قول الراعي بأن لبنان لجميع أبنائه أو لا يكون، يمكن أن يؤسس عليه لمرحلة مستقبلية بعيدًا عن منطق الإستقواء بالخارج على بعض الداخل، على أساس أن جميع اللبنانيين متساوون أمام القانون، وأن لا صيف وشتاء فوق سطح واحد، وأن لا أحد يتقدّم على الآخر من منطلق أن ثمة مواطنين درجة أولى والآخرين درجة ثانية وثالثة ورابعة. 

بعد 27 شباط لن يكون كما قبله، إذ يمكن إعتبار هذا التاريخ مفصليًا بين المئوية الأولى من عمر لبنان الكبير، والتأسيس لمئوية ثانية، مع الإستفادة من أخطاء الماضي لتلافيها وتجّنبها، وذلك إستنادًا إلى تجارب الماضي وما فيه من إضاءات وعثرات، من دون إغفال دور لبنان في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وهو كان عضوًا مؤسسًا لهما، وهو دور غير الأدوار الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى