بيئة حزب الله لكوادره: دولارنا غير دولاركم
المصدر: ليبانون فايلز
لا يختلف اثنان على ثبات بيئة حزب الله في الضاحية كما الجنوب على مبدأ المقاومة ضد “العدو” بشقيه الاسرائيلي والتكفيري، وهذا المصطلح حفظه هؤلاء عن ظهر قلب ويرددونه باعتباره قوتا يوميا في تغريدات أو تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي أو في المجالس.
لم تعد بيئة المقاومة كما كانت عليه قبل عشر سنوات، تبدلت الامور زاد حجمها وكثرت متطلباتها بقدر ما تنوعت مصادر رزقها عبر مؤسسات الدولة او تلك الرديفة لها والتي أسسها حزب الله لتشغيل ما أمكن من هؤلاء تزامنا مع عملهم كمقاومين في صفوف الاحتياط في المعارك الكبيرة.
هذا التنوع يندرج في المحال التجارية المنتشرة في الضاحية وفي عدد الموظفين داخل ملاك الدولة والذين تحولوا الى كتلة مؤثرة لاسيما بعد حرب التحرير عام 2000 حين قرر الحزب الدخول الى الدولة من ابوابها التوظيفية المختلفة. هؤلاء استفادوا كثيرا من دولار ال “1500”، ومن سلسلة الرتب والرواتب والملحقات التي طرأت على رواتبهم، كانت رحلاتهم الى تركيا بشكل دوري ولم تكن لديهم أي مشكلة في مواءمة حالة المقاومة كحركة مستقلة عن الدولة بمشاريعها التوسعية، مع الدولة كادارة عامة ومصدر رزق لهم تعيلهم في حياتهم اليومية ليلبوا نداء المقاومة متى طلب منهم الواجب الديني والاخلاقي.
بعد ثورة 17 تشرين بدأت هذه الطبقة تعيد حساباتها على سعر صرف الدولار، الذي قلص قيمة الراتب ودفع بمؤسسات كثيرة الى الاغلاق وطرد الموظفين، في وقت لم يعد دولار الكادر الحزبي أو العنصر في حزب الله قادرا على اعالة هذه البيئة أو انعاش الدورة الاقتصادية لاسباب عدة مرتبطة بتجفيف منابع الحزب وضعف قدرات الدولة، فتحول هؤلاء الى عبء على المؤسسة الحزبية، وبالتالي علا صوت طبقة الموظفين والتجار داخل بيئة الحزب لتنضم الى المواطنين الذين قُطعت ارزاقهم.
الى جانب هؤلاء يقف ايضا جمهور حركة أمل الذي يعتاش ايضا من الادارات العامة، فأكثر من سبعين في المئة من هذا الجمهور هو في الاساس موظف أو مياوم أو متعاقد مع الدولة، ووجع الدولار يكوي جرحه وبالكاد يستطيع اليوم تأمين الحد الادنى لعائلته من مأكل ومشرب والاستمرار على هذا المنوال قد يؤدي به الى انتفاضة بوجه الحزب قبل السلطة.
وفي هذا الاطار انتشرت الاخبار عن افتقاد “مخازن النور” التابعة للحزب الكثير من السلع ولم يستفد حامل البطاقة الخاصة بهذه المخازن من الحسومات الخاصة التي تؤمنها، فالبضائع غير موجودة ولم يستطع الحزب تأمينها، كما أن محطات الوقود رفعت خراطيمها في مناطق الضاحية والبقاع وعمد البعض الى اقتحام هذه المحطات عبر الدراجات النارية لتعبئها بالبنزين، على طريقة “التشبيح”.
اذا يواجه حزب الله اليوم معركة الصمود داخل بيئته التي اتسعت رقعتها في الضاحية الجنوب والبقاع، زادت مصاريفها وخفت عائداتها وسط تجفيف منابع الدولار على خط طهران بيروت، وارتد عامل العدد عليه، فالحزب الذي كان مشجعاً للزيجات الجماعية لاسيما بعد حرب تموز ولفكرة الانجاب داخل العائلة لرفد المقاومة بالعناصر، يشكو اليوم من هذا الحمل الثقيل ويتخوف من انفجار الوضع الاجتماعي داخل البيئة وتأثير ذلك على الهيكلية التنظيمية لمؤسساته في الضاحية والمناطق الجنوبية والبقاعية، من هنا تسعى قيادة حارة حريك الى تأمين البدائل والضغط لتأليف الحكومة رغم ادراكه أن مرحلة الانتصارات طويت لتقتح مرحلة التنازلات والمقايضة عليها للصمود بوجه التحديات التي أرهقته في السنوات العشرين بعد التحرير.