ماذا تُخفي مناوشات بيت الوسط – حارة حريك؟
المصدر: ليبانون فايلز
للمرة الأولى منذ فترة طويلة، يظهر التوتر في العلاقة بين الرئيس المكلف سعد الحريري وحزب الله بعد ان عبَّر الأخير عن امتعاضه من عرقلة الرئيس المكلف لعملية تأليف الحكومة، خلافاً للأجواء التي تحكم العلاقة بينهما منذ فترة طويلة.
الجديد النوعي تمثل في السجال غير المسبوق بين الحريري وحزب الله، بعد ان اعتبر الأول ان حزب الله ينتظر قراره من إيران رداً على كلام نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم وقوله ان الحريري لا يحتمل ما يطلب منه سعودياً لمواجهة حزب الله.
خروج الوضع عن المألوف كان مفاجِئاً، فالمعروف ان علاقتهما محكومة بربط النزاع السياسي من جهة، حيث لا ينخرط الطرفان في العادة في سجالات. كما ان الثابت ان حزب الله متمسكٌ بورقة الحريري الحكومية ولا يمكن ان يستغني عنه في عملية التأليف، لا بل يتمسك به رئيسا للحكومة المقبلة لمسألتين، أولاً لأنه الرئيس الوحيد القادر على التأليف في المرحلة الحالية ولأنه الوحيد القادر على إيجاد حل للأزمة الاقتصادية وجلب المساعدات الدولية من جهة، ولأنه يؤمّن المظلة السياسية والطائفية لعدم حصول تصادم سني – شيعي.
إلّا أن خطاب الأمين العام لحزب الله الذي حدد فيه الشروط الحكومية المقبلة بأن تكون حكومة من 20 وزيراً ولن يكون فيها ثلث معطل ايضاً، أصابت الرئيس المكلف في الصميم لأن موقف حارة حريك أقام توازناً سياسياً بين بعبدا وبيت الوسط في خضم حرب الجبهات المفتوحة بينهما. وعليه يعتبر المقربون من بيت الوسط ان رسالة حزب الله وصلت ومفادها انه غير مستعجل على التأليف، وان التسوية التي حُكِي عنها عبر مبادرة حملها اللواء عباس ابراهيم عن خمسة وزراء من أصل ستة يُسمّيهم رئيس الجمهورية ستلحق بالمحاولات السابقة حيث سيتم رفضها من قبل بعبدا.
وفق مصادر سياسية، فإن عوامل كثيرة تجعل حزب الله اليوم لا يستعجل التأليف، منها ما يتصل بالملف الاقليمي وانتظار نتائج التفاوض الإيراني الأميركي من جهة، كما ان حزب الله يعتبر ان معركة “تكسير الرؤوس الحامية” حكومياً هي في ملعب الآخرين.
تفسيرات كثيرة تُعطى لتوتر حارة حريك وبيت الوسط، فأما أن الحريري يتلمّس معالم تشدد من قبل الثنائي الشيعي في عملية التأليف وبات يعتبر ان الحزب يصطف الى جانب رئيس الجمهورية بدل الاصطفاف في الوسط، أو أن ما حصل مجرّد مناورات إعلامية ليس أكثر لصرف النظر عن أمور أكثر أهمية، أو أن ما حصل انتهى في إطار ردٍّ وردٍّ آخر عليه، فلا حزب الله في وارد الإطاحة بالحريري والاستغناء عنه، ولا الحريري في وارد الاعتذار وترك الساحة لغيره. وعلى الأرجح فإن المرحلة المقبلة ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات والتطورات في ضوء الانفجار الشعبي المتوقع، في محاولة رمي القوى السياسية تهم التعطيل في وجه بعضها.