اخبار محلية

عمل تخريبي منظّم”.. نظرية “المؤامرة” تلاحق “العهد”؟!

المصدر: لبنان 24

مجدَّدًا، اختار السياسيون، ولا سيما المحسوبون منهم على “العهد” والداعمون له، مبدأ “المواجهة” مع الشارع الغاضب، بدل محاولة احتوائه، وتفهّم “انتفاضته”، بل تلقّف “صرخته”، التي تحوّلت، في قاموس البعض، إلى “مؤامرة” لا تتوخّى سوى استهداف رئيس الجمهورية والفريق الذي ينتمي إليه.


بالحدّ الأدنى، هذا ما أوحت به كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، في الاجتماع رفيع المستوى، الذي عُقِد على وقع الاحتجاجات الشعبيّة، بعدما عجز الإفلاس الماليّ والانهيار الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وربما الأخلاقيّ، في فرض التئامه، فكان اعتراضٌ على إقدام المحتجّين على قطع الطرقات، بما يتجاوز حقّهم البديهيّ في التظاهر.

فصحيح أنّ قطع الطرقات أمرٌ “يزعج” كثيرين، ممّن يجدون فيه “إقلاق راحة”، ولا يعتبرونه “الوسيلة المُثلى” للتعبير، خصوصًا أنّ المتضرّرين منه ليسوا سوى المواطنين أنفسهم، إلا أنّه مع الرئيس ارتقى ليكون “عملاً تخريبيًا منظّمًا”، في عبارة أعادت إلى الأذهان ثابتة “المؤامرة” التي لاحقت “العهد” منذ أيامه الأولى، الذي أضحى شعاره المُعلَن “ما خلّونا”.

من “أضاع البوصلة”؟

يعتقد مؤيّدو رئيس الجمهورية أنّ التظاهرات الشعبيّة “أضاعت البوصلة”، ويستهجنون كيف أنّ التصويب “شبه محصور” في السياسة بالرئيس ميشال عون، الذي لا يتحمّل برأيهم مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من أوضاع اقتصادية واجتماعية كارثيّة، وهو ما أدّى إلى الانزلاق نحو “جهنّم” التي كان الرئيس أيضًا من أول المنبّهين منها.

وفق منطقهم، كان من المفترض أن يضع المتظاهرون يدهم بيد رئيس الجمهورية، ويطالبوا معه بتحقيق الإصلاحات التي ينادي بها، وعلى رأسها التدقيق الجنائيّ، الذي يعتبرون أنّه يواجه على خطّه “مافيا متنقّلة” تحاصره من كلّ الجهات، وقوامها شخصيات وأحزاب تكاد تكون من “ثوابت” الحكومات المتعاقبة خلال أكثر من ثلاثة عقود، كرّست الفساد والمحاصصة.

لكنّ المشكلة، وفق المنطق “العونيّ”، أنّ التظاهرات المُحِقّة في الظاهر، تحوّلت إلى “أدوات ابتزاز سياسيّ” بيد خصوم “التيار”، في ظلّ “حملة” كثيفة وغير بريئة، لا تطالب سوى باستقالة رئيس الجمهورية، علمًا أنّ القاصي والداني يدرك، كما يقول أصحاب هذا الرأي، أنّ هذه الاستقالة ستعقّد الوضع أكثر ولن تسهّله، وأنّ “تنحّي” عون لن يؤدّي إلى انخفاض الدولار.

خطيئة “العهد” المكرّرة؟!

لكن، بمُعزَلٍ عن “دقّة” هذا الخطاب، ومدى “واقعيّة” المنطق الذي يعتمده، ثمّة من يعتبر أنّ “المشكلة الكبرى” تبقى في طريقة “الاستقواء” التي يصرّ “العونيّون” على التعاطي بها مع الأحداث، في وقت ينبغي عليهم أن يغضّوا الطرْف عن أيّ “تسييس” للتحرّكات، لو وُجِد، لأنّ “الجوهر” يبقى في العجز السياسي الذي يكاد يُخرِج الناس عن طورها، وعن حقّ.

ويرى بعض المتابعين أنّ “العهد” يقترف، بمنطق “العمل التخريبي المنظّم” الخطأ، أو بالأحرى “الخطيئة” التي ارتكبتها العديد من الأنظمة “الديكتاتورية” في المنطقة، عندما واجهتها احتجاجات وتظاهرات، فلم تجد طريقة لصدّها ومقاومتها، سوى بالحديث عن جهات خارجيّة تحرّكها، وعن “أجندات مشبوهة” وغير ذلك من الشعارات التي فقدت كلّ قيمتها.

ويشير هؤلاء إلى أنّه كان الأوْلى برئيس البلاد أن يخرج في تصريحاته الأولى بعد تسجيل الدولار مستويات “جنونيّة” غير مسبوقة، بخارطة إنقاذ حقيقية، يستطيع أن يواجه من خلالها ما يعتبره “هجومًا متعمَّدًا” على شخصه، بدل أن ينبري للهجوم على مواطنين، قد يكون صحيحًا أنّ هناك بين السياسيين من يريدهم “وقودًا” لمصالحه “الشخصية”، لكنّ الأكيد أنّ مقوّمات “حراكهم” موجودة بقوّة، وفي قلب النظام.

كان من الأفضل لرئيس الجمهورية أن يجد في التظاهرات المطلبيّة، مُحِقّة كانت أو مسيَّسة، فرصةً لتقديم تنازلات لا بدّ منها على خطّ الحكومة، فيسهّل ولادتها، بعيدًا عن الشروط والشروط المُضادة، لعلّه بذلك يضع “حجر الأساس” للإنقاذ الفعليّ. لكن خياره “مواجهة” الشارع، وتشريع كلّ “الأسلحة” المُتاحة لذلك، بدا مرّة أخرى غير موفَّق في الشكل والمضمون، حتى لو بني على أساسات قد لا تكون “باطلة” بالمُطلَق!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com