“معاوز شي استاذ؟”… كلمة سر في بعلبك لدخول السوق السوداء
المصدر: عيسى يحيى | نداء الوطن
لم تترك منصّات صرف الدولار سقفاً يُبنى عليه في التعاملات اليومية، حيث ألهب ارتفاعه جيوب المواطنين، وأشعل نيران الاحتجاجات على طرقات بعلبك ـ الهرمل. وأقفل أصحاب المحال والسوق التجاري وبعض السوبرماركت ابوابهم بوجه هذا التصاعد الجنوني، ورفضهم ركوب موجة الغلاء والبيع بأسعار مرتفعة، فيما نشطت حركة الصرّافين غير الشرعيين في الأسواق.
لا يتجاوز عدد الصرّافين الشرعيين المرخّص لهم من وزارة المالية أصابع اليد الواحدة، من دورس حتى الهرمل، يفتحون محالهم امام المواطنين لإجراء عمليات الصيرفة، يبيعون الدولار تارة، ويمتنعون تارة اخرى، يقفلون ابوابهم بالتوازي مع الارتفاع الجنوني لسعر الصرف، في وقفة منهم أمام الرأي العام، تنشط معهم عمليات بيع وشراء الدولار خارج السوق الرسمي.
مع بداية أزمة الدولار وتفلّته عن سعر صرفه الرسمي لتتحكّم به السوق السوداء، أقفل عدد من الصرّافين الشرعيين محالهم في سوق بعلبك، فهم لا يريدون أن يدخلوا في هذه اللعبة التي تنعكس سلباً على مجريات حياة الناس وحياتهم أيضاً.
أحد هؤلاء ممّن أغلقوا محالهم ما بعد ثورة 17 تشرين أشار لـ”نداء الوطن” الى أنّ “البعد الديني والأخلاقي كان سبباً أساسياً في توقّفنا عن أعمال الصيرفة، فنحن متواجدون في سوق بعلبك منذ عشرين سنة ونشعر بكلّ أهالي المدينة ومعاناتهم، ولا يمكننا أن نساهم في إفقارهم، عبر بيع وشراء الدولار والدخول في هذه اللعبة”. وأضاف: “لا مهنة لنا غير الصيرفة وكنّا نعمل مرتاحي الضمير وهامش الربح قليل، ولكننا اليوم لا نعمل بها وإن كان الربح كبيراً، فنحن جزء من الناس وارتفاع سعر الصرف يؤثّر على كل متطلّبات الحياة التي نشتريها”.
بيع وشراء الدولار من الصرّافين الشرعيين في بعلبك ـ الهرمل لا يخضع لأي ضوابط أو قيود، فيما كانت نقابة الصرّافين حدّدت سابقاً آلية بيع المواطنين الدولار على سعر صرف المنصّة وِفق مجموعة من القيود، أبرزها تقديم أوراق لبعض الحالات، وكان الوضع في المحافظة مختلفاً، فالبيع والشراء وِفق سعر السوق السوداء، ولم يستطع أحد شراء الدولار وِفق سعر المنصّة سواء لدفع راتب عاملة منزلية أو لتعليم ابنه في الخارج. هذا وتستمرّ عملية البيع والشراء وِفق قوانين الصرافين وحدهم.
“بطلوع الروح حتى يعطينا دولار”، بهذه الكلمات يشير أحد التجّار إلى وضع الصرّافين في بعلبك، مشدّداً على أنّ بيع الدولار هذه الأيام أسهل بكثير من شرائه، ونحن نفكّر الف مرّة بالبيع وننتظر سعر الصرف، لأنّ البيع وِفق سعر10 آلاف وشراء الدولار على 13 ألفاً يراكم علينا خسارة فوق خسارة على حساب زيادة أرباح الصرّافين.
على المقلب الآخر، تنشط عمليات الصيرفة غير الشرعية أمام محال الصرّافين الشرعيين أنفسهم، فقد امتهن عدد من أبناء المدينة وخصوصاً التجّار وأصحاب المحال التجارية عمليات بيع وشراء الدولار في السوق السوداء، وبمجرّد مرورك في السوق تتعرّف عليهم، وأوّل كلمة تكون “معاوز شي استاذ”؟ “بدّك تصرف شي”؟
عمليات البيع والشراء التي يتقنها البعض يردّها أحدهم بالقول لـ”نداء الوطن”: “نحنا ما عم نشتغل لنستغلّ الناس، ولكن أوضاعنا الاقتصادية أصبحت في الحضيض، ولم نعد نحتمل الخسائر، نريد إطعام اولادنا، وإذا كانت لدينا بعض النقود فلماذا لا نستفيد منها ونربح ولو جزءاً قليلاً”، مضيفاً بأنّه مستعدّ للتوقّف فوراً عن تلك الأعمال في حال حُلّت الأزمة الاقتصادية وفُرجت.