دول الخارج تخوض مخطّط الإنهيار في لبنان.. اليكم البراهين
دوللي بشعلاني – الديار
إشتدّي أزمة تنفرجي»… هذا ما يُقال، فهل فعلاً ستنفرج الأزمة اللبنانية بكلّ مندرجاتها وقطاعاتها بعد أن اشتدّت كثيراً ووصل الدولار الأميركي الى 15 ألف ليرة لبنانية مقابل تدنّي العملة المحليّة الى أدنى مستوياتها، وتُنذر كلّ المؤشّرات والمعطيات بأنّه سيصل الى 20 و30 ألف، وربما الى مئة ألف دون أن يقف على عتبة محدّدة، ما لم يتمّ تشكيل «حكومة المهمّة» الإنقاذية؟! ومن أين سيأتي الفرج إذا كانت الضغوطات خارجية، فيما يتذرّع السياسيون بأنّها داخلية وبين الرئاستين الأولى والثالثة، في حين أنّها في مكان آخر؟
أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت أنّ الأزمة في لبنان لا تزال في بدايتها رغم الوضع المأسوي الذي يعيشه الشعب اللبناني، مشيرةً الى أنّنا، مع الأسف، سنشهد بعد أكثر بكثير في الأيّام والاشهر المقبلة. وأشارت الى أنّ كلّ الوقائع تدلّ على وجود تواطوء خارجي مع بعض المسؤولين في الداخل على إيصال الوضع الى الإنهيار الشامل بهدف الضغط على بعض الجهات السياسية للقبول بشروط دول الخارج.
وذكرت الاوساط، بأنّ حكومة الرئيس حسّان دياب لم تقم بتعويم نفسها، ولم تُمارس ما يُعطيها إيّاه الدستور من صلاحيات كحكومة تصريف أعمال، لأنّ «هناك جهات خارجية تدفع بالبلد الى الإنفجار»، على ما أعلن دياب منذ فترة. وهذا يعني بأنّه يمتلك معلومات ومعطيات كونه في السلطة، أنّ ثمّة من يريد تفجير البلد ليتمكّن من إنقاذه فيما بعد وفق شروط يفرضها عليه، من ضمنها نزع السلاح غير الشرعي لحماية أمن إسرائيل. ولهذا، فمن غير الممكن الحديث عن تشكيل حكومة بتوافق داخلي في المرحلة الراهنة، ما لم يُفرج الخارج الذي يختطف ورقة الحكومة عنها بعد حصول التسويات الإقليمية والدولية.
وكشفت الأوساط نفسها بأنّ دول الخارج، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية هي التي تخوض مخطّط إحداث الإنهيار في لبنان من خلال أمور عدّة واضحة:
– أوّلها: وجود مذكّرة لدى الكونغرس الأميركي، قدّمتها لجنة الجمهوريين تعود لحزيران من العام الماضي (2020) بعنوان «تدمير لبنان لإنقاذه». وتتضمّن هذه المذكّرة الوسائل المتبعة لتغذية الصراع السياسي الداخلي وصولاً الى انهيار لبنان لا سيما على الصعيد الإقتصادي والمالي لتجويع الشعب اللبناني وانفجار الشارع ضدّ السلطة الحاكمة والنظام المصرفي والسلاح غير الشرعي في البلاد. علماً بأنّها هي التي تتحكّم بسياسة المصرف المركزي وهي المسؤولة عن الإرتفاع الجنوني لسعر الدولار الأميركي.
– ثانيها: تدفع الولايات المتحدة منذ نحو عشر سنوات، مبلغ مليار دولار سنويّاً للبنان، من بينها المساعدات العسكرية للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية التي تصل الى نحو 120 مليون دولارسنويّاً. فيما المبالغ المتبقية تُعطى للمجتمع المدني والمنظمات الدولية بهدف تطبيق سياستها في الداخل. ومن هذه المبالغ تستكمل، على سبيل المثال، دفع مبلغ 300 دولار لكلّ نازح سوري ومبلغ مماثل لكلّ لاجىء فلسطيني لكي يبقوا في لبنان ولا يعودوا الى ديارهم. وخير دليل على مصداقية هذا الأمر هي الإحصاءات التي تحدّثت عن مغادرة قسم كبير من العمالة الأجنبية لبنان التي يبلغ عددها 350 ألف عامل، لا سيما اليد العاملة الاثيوبية والسريلنكية والفيليبينية وسواها، والمصرية كذلك، بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، فيما يبقى النازحون السوريون واللاجئون الفلسطينيون في أماكنهم وبالأعداد نفسها (أكثر من مليوني شخص).
وثالثها: التلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء. فليس من باب الصدفة أن ينخفض سعره من 7 الى 6 آلاف ليرة لبنانية وقتذاك، لدى صعود الرئيس المكلّف سعد الحريري الى قصر بعبدا بقصد تشكيل الحكومة، من دون أن يكون هناك أي إشارات إيجابية فعلية عن قرب ولادة الحكومة. ومن ثمّ يعود للإرتفاع بعد مغادرته قصر بعبدا من دون أي تشكيل للحكومة. فهذا الأمر للقول بأنّه من شأنه تسهيل تشكيل الحكومة الإنعكاس إيجاباً على سعر صرف الدولار في السوق وتحسين الوضع الإقتصادي في البلاد، كونه الشخص الوحيد القادر على ترؤّس وإدارة الحكومة الجديدة.
– رابعها: تحريك الشارع من خلال دفع المبالغ لبعض الأشخاص الذين لم تظهر وجوهم في انتفاضة 17 تشرين من العام 2019، وما تلاها من تظاهرات، وذلك بهدف محاولة تفجير الوضع الأمني في البلاد، وإحداث مواجهة ما مع حزب الله للقول بأنّه يستخدم سلاحه في الداخل… غير أنّ هذه المحاولة الأخيرة لم تنجح، علماً بأنّها لا تزال أحد العناصر التي يُبنى عليها مخطط انهيار لبنان من أجل التدخّل لإنقاذه.
في المقابل، لفتت الأوساط نفسها الى أنّ التسويات الإقليمية والدولية ستنعكس إيجاباً على لبنان، لكن عليه انتظار وقت لا بأس به بعد لكي يحين دوره، إذ ثمّة أولويات أخرى على أجندتها. غير أنّها رأت في مطالبة كلّ من السعودية والإمارات أخيراً بإعادة سوريا الى حضن الجامعة العربية، واستعادة مقعدها فيه، بعد أن جرى تعليق عضويتها بقرار اتخذه وزراء الخارجية العرب في 16 تشرين الثاني من العام 2011، نوعاً من الخسارة والتنازل من قبلهما إقليمياً، سيما وأنّ الدول الخليجية كانت هي من شجّعت ودعت الى تعليق عضوية سوريا في الجامعة بفعل اتهام النظام بممارسة أعمال العنف ضدّ المدنيين، والى»حين قيامه بالتنفيذ الكامل لتعهّداته وتوفير الحماية للمدنيين السوريين من خلال الإتصال بين المنظمات العربية والدولية المعنية»، على ما نصّ القرار الصادر عن وزراء الخارجية العرب. فقد كانت تريد إسقاط نظام الرئيس بشّار الأسد، غير أنّها لم تتمكّن من ذلك طوال السنوات الماضية. فيما نجدها اليوم تُنادي بعودة سوريا الى حضن الجامعة من دون أن يفي النظام بالإلتزامات المذكورة.
وهذا الأمر، وإن دلّ على شيء، على ما عقّبت الاوساط، فعلى إمكانية التقارب الإقليمي بين الدول الخليجية وسوريا، أي بين السعودية وإيران، فضلاً عن التقارب الأميركي – الإيراني لا سيما بعد بدء المفاوضات بين الجانبين. فالأوراق في صدد أن تُخلط من جديد، في الوقت الذي يزداد فيه الإنهيار في لبنان يوماً بعد يوم. وأكثر ما تخشاه الأوساط نفسها، أن يتحوّل الإنهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي والمعيشي الى انهيار أمني، لأنّه عندها تصل الأمور الى الإنهيار الشامل والمدمّر للبلد.
ورأت الاوساط في الكلام الأخير لوزير الداخلية والبلديات العميد محمّد فهمي، إشارات غير مطمئنة عن عدم القدرة على الإمساك بزمام الأمور. غير أنّ تحرّك قائد الجيش العماد جوزاف عون على الأرض من خلال عناصره، رغم معاناتهم مثل الشعب اللبناني ككلّ من الجوع والفقر والعوز بفعل انخفاض القيمة الشرائية لليرة اللبنانية الى مستويات متدنيّة جدّاً، إذ وصل الحدّ الأدنى للأجور الى 45 دولاراً أميركياً فقط بعد أن كان 450 دولار، وهو مرجّح الى الإنخفاض أكثر، أظهر قدرة المؤسسة العسكرية على لجم الشارع بيدّ من حديد.
وفي رأيها، إنّ لبنان سيكون بالطبع على طاولة التسويات الإقليمية والدولية… وستتوافق هذه الدول على أنّ لبنان بالصيغة التي يعيشها منذ عقود قد انتهت، ولهذا لا بدّ من التوافق على صيغة جديدة تؤمّن العيش المشترك الفعلي، على أسس حضارية وعصرية أكثر تؤمّن للشعب اللبناني عيشة كريمة وشريفة، قبل أن يُهاجر نصف أبنائه الى دول الخارج. ولا أحد يدري إذا ما كانت «الفدرلة» هي الصيغة الجديدة للبنان التي سيتم التوافق عليها، أم ستتقدّم بعض الدول بصيغة أخرى.