عناصر الحرب الأهلية جاهزة… هل تتكرر التجربة؟
المصدر: ليبانون فايلز | ابتسام شديد
في ١٣ نيسان المقبل، تحلّ الذكرى الـ ٤٦ لإندلاع الحرب اللبنانية، التي عرفت انها حرب الآخرين على أرض لبنان استمرت خمسة عشر عاماً، وبلغت خسائرها ١٥٠ ألف قتيل. إحياء ذكرى انتهاء الحرب هذه المرة يبدو مختلفاً عن أي وقت سابق، في ظل الأجواء المتشائمة التي تُسيطِرُ على المشهد الداخلي، وسط قرع طبول التصريحات التي تتحدث عن إحتمال تجدّد الحرب والفتنة. فحرب الـ ١٩٧٥ لم تبدأ فجأة بل سبقتها أزمات كثيرة مهّدّتْ لها، وبالتالي فإن مشهد الأمس مرشح ان يتكرر غداً، حيث ان الوضع السياسي غير مستقيم منذ انتفاضة ١٧ تشرين الاول، والاحتقان الطائفي والمذهبي في أعلى سقوفه على خلفية الانهيار وبعد انفجار مرفأ بيروت، الذي ترك تداعيات إنسانية وأحدث إنقساماً عمودياً بين اللبنانيين.
ما يُعزّز نظرية الفوضى والفتنة، أن لبنان يحتضر تحت وطأة الأزمات والانقسام السياسي الحاد، حيث عاد الهمّ الأمني ليتصدّر قائمة المخاوف، مع ارتفاع سعر الدولار وزيادة وتيرة السرقات والجرائم المرتكبة نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، وحيث يجتمع السياسيون مهما كانت رتبهم ومواقعهم على تأكيد ان المخاوف جدّية من الفوضى والدخول في دوامات عنف، لا أحد يعرف كيف تبدأ ومتى تنتهي.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حذّر في خطابه الأخير من الفوضى والحرب الأهلية، كمتلازمة لمسلسل الإنهيار والمخطط ومن ضمن المؤامرة على لبنان، متخوّفاً من تحوّل التحركات الى صدامات داخلية، حيث يؤكد مطلعون ان تحذيرات نصرالله تتلاقى مع ما يتخوّف منه آخرون بأن تتسلل جماعات مشبوهة الى قلب الاحتجاجات، اضافة الى رصد تحركات وتدريبات قتالية تحصل منذ فترة في بعض المناطق. وكلام نصرالله لا يكون عبثياً بل مبنيّاً على معطيات حسيّة، الأمر الذي استتبع نقاشاً داخلياً، خصوصاً ان وزير الداخلية محمد فهمي أعلن ايضا ان لبنان مكشوف أمنيا بعد تكاثر الحوادث والتعدي على الممتلكات والجرائم المرتكبة.
بالنسبة الى من عايشوا الحرب الأهلية، يمكن القول ان الحرب يمكن ان تقع في أي لحظة، فالمؤشرات خطيرة والأرضية جاهزة بالشحن الطائفي والسياسي، فالحرب اللبنانية الطويلة بدأت في حادثة وامتدت سنوات، فيما تتكرر أسبوعيا مشاهد الاستفزازات وقطع الطرق واطلاق النار، اضافة ايضاً الى الاغتيالات السياسية. فجريمة كبيرة يمكن ان تكون شرارة لفتنة داخلية لا أحد يعرف كم تمتد من الوقت.
ما يُعزّز المخاوف أيضاً الفيديوهات التي تعرض على وسائل التواصل من تدريبات لفئات سياسية والانتشار المسلح في مناطق أخرى، وظهور السلاح عند أي اشكال. وانتقال الإشكالات الى مواجهات بين الناس في السوبر ماركت حول المواد المدعومة. فالمعلوم ان الحرب الأهلية تحتاج الى بندقية وكمين، ولا تحتاج الى سلاح متطور او صواريخ ذكية.
سيناريوات كثيرة تُرسَم لإحتمال اندلاع حرب أهلية تتوافر عناصر لها، لكن بالمقابل يصعب تصوّر كيفية اندلاع حرب هذه المرة، فسيناريو الحرب بين المسلمين والمسيحيين لا يمكن ان ينجح لأن المسيحيين قسمان، واحد متحالف مع حزب الله وقسم متحالف مع الفريق السني والدرزي. والمسيحيون في أي حال لا يملكون السلاح الكثير كغيرهم. أما من جهة الفتنة السنية الشيعية فإن كل الاغتيالات السابقة والمحاولات لتوتير الوضع وجرّ البلاد إلى الاقتتال باءت بالفشل، بعد أن قدم رئيس تيار المستقبل سعد الحريري تنازلات سياسية لدرء الفتنة، وحيث لا مصلحة لحزب الله اليوم أيضا في الاقتتال الداخلي، خصوصا انه يسيطر على مواقع كثيرة في الدولة، ويملك الأكثرية النيابية والوزارية، وقادر على فرض شروطه في الحياة السياسية.