تذمّرٌ كبير في الشارع… هل فقدت الثّورة بريقها؟
المصدر:أخبار اليوم
17 تشرين الأول 2019 – 17 نيسان 2021. عام ونصف مرّ على بدء انتفاضة 17 تشرين الأول، التي انطلقت لأسباب معيشية ومالية وإقتصادية، أسبابها سياسية – أمنية، فيما غرقت بعناوين فضفاضة جدّاً في الشارع، جعلت منها (الإنتفاضة) أسيرة الجمود السياسي نفسه الذي يتحكّم بلبنان، وباقتصاده.
فالإنتفاضة بدأت في منتصف عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وأتت كنتيجة على عَدَم القدرة على الإقلاع ببلد جديد، حرّ وسيّد ومستقلّ، يسيطر على حدوده، ويصحّح أوضاع اقتصاده، ويوقف الفساد فيه، ويطبّق إصلاحات كثيرة. وهي (الإنتفاضة) تبلغ شهرها الـ 18 بعد أيام (17 نيسان)، أي انها وصلت الى مشارف الأشهر الـ 18 الأخيرة من عهد الرئيس عون، وسط غَرَق واضح حتى الساعة بعموميات “فقّرونا”، و”جوّعونا”، و”موّتونا”، وذلك بدل وضع الإصبع على الجرح الأمني والسياسي الاستراتيجي، الذي أدّى الى الفقر والجوع والموت
أفَمَا حان وقت التغيير، والثورة على جمود الثّورة، لتسهيل الوصول الى لبنان الإصلاح، والإزدهار، لا سيّما أن الأزمة الإقتصادية والمالية هي نتيجة للسّطو على القرار السياسي والأمني للدولة اللبنانية، من قِبَل جهة تأسر لبنان، فيما الحلّ هو بتشكيل حالة لبنانية داخلية، سياسية وشعبية، تسعى الى التحرّر من هذا الأسر؟
أوضح مصدر مُواكِب لانتفاضة 17 تشرين الأول، أن “التوغّل في عناوين خارج المنطق، جعل الشارع يغرق في ما يشبه “برج بابل” على صعيد العناوين المطلبية التي يرفعها”.
وأوضح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “الدعوة الى تشكيل حكومة ذات صلاحيات إستثنائية، هي كفيلة وحدها بجَعْل السلطة تسخر من الإنتفاضة، وتستخفّ بها. فمن النّاحية التقنية قبل السياسية، كيف يمكن تشكيل هذا النوع من الحكومات في لبنان الآن، وفي ظلّ الخريطة السياسية الحالية؟ ومن هي الأطراف التي ستشكّلها، طالما أن لا أحد يقبل بترك السلطة؟ فهذا خطأ تقني كبير على مستوى طرح الأفكار، قبل أي شيء آخر”
وأفصَحَ المصدر عن “تذمّر كبير في الشارع من حالة الفوضى التي تتحكّم بالشعارات والمطالب، على أكثر من مستوى.
فعَدَم وجود قيادة، كان مفخرة في الأساس، ولكنّه تحوّل الى نوع من حالة نَقْص وضياع، وسط تخبّط في وقت لاحق،
عندما بدأت محاولات تشكيل قيادة. وهذا ما جعل الإنتفاضة تفقد بريقها، وتغرق بكثير من المشاكل الخاصّة بين مكوّناتها،
بدل الإنصراف الى تقديم نموذج مُقْنِع، يكون بديلاً من الطبقة السياسية الموجودة”.
وردّاً على سؤال حول إمكانية أن يتحوّل “برج بابل” من الشارع، الى صناديق اقتراع الإنتخابات النيابية مستقبلاً،
أجاب المصدر: “لا تزال الإنتخابات النيابية فرصة وحيدة حتى الساعة، قادرة على تشكيل بداية تغيير حقيقية،
وفرصة للناس من أجل تصحيح نتائج اقتراعهم، سواء الذي يعود الى استحقاق عام 2018 النيابي، أو الى استحقاقات الأعوام السابقة”
وشدّد على وجود “انقلاب واضح المعالم لتغيير السلطة في لبنان، ذات طابع عنفيّ،
يُمكنه أن يقود الى فوضى إجتماعية، كما الى اندلاع حرب أهليّة أو حتى إقليمية.
وهذا يعني أن إمكانية التغيير السّلمي الوحيدة المتاحة، هي صناديق الإقتراع”.
وأكد المصدر “أننا أمام سنة من الإنتظار قبل الإنتخابات النيابية، القادرة على أن تشكّل بارقة أمل،
وبداية التغيير المنشود. ويتوجّب على الشعب اللبناني المُنتَفِض أن يتحمّل مسؤولية خياراته واقتراعه في عام 2022″.
وختم: “لا يُمكن للشعب أن يثور، وأن يُطلِق الشعارات في الشارع مثل من يحمل رشّاشاً، ويُطلِق النار منه عشوائياً،
وأن يحافظ على مصداقيّته، إذا عاد واستنسخ نتائج انتخابات عام 2018 النيابية نفسها،
و(إذا) تسبّب بعَوْدَة القوى السياسية نفسها التي تجمّد لبنان، سواء الى مجلس النواب أو الى السلطة عموماً، من جديد”.