اخبار محلية

رفض لقرارات وزير التربيّة… لمن ستكون الكلمة النهائيّة؟!

بقلم ناجي س. البستاني – النشرة

التخبّط الكامل كان عنوان ​العام الدراسي​ الحالي، ليس بسبب سوء إدارة السُلطات في لبنان لملفّ “​كوفيد 19​” ولسُبل مُكافحة هذا الوباء والحدّ من إنتشاره فحسب، بل أيضًا بسبب الخلافات والتباين في الآراء وإنعدام التنسيق بين وزير التربيّة في الحُكومة المُستقيلة طارق المَجذوب وفريق عمله من جهة، والعديد من الجهات والهيئات التربويّة المَعنيّة الأخرى من جهة أخرى. فهل سيتمّ تطبيق قرارات الوزير المجذوب الأخيرة، والقاضية بالعودة تدريجًا إلى التعليم المُدمج، أم أنّ الرفض المُتزايد لهذه القرارات، سيحول دون ذلك؟.

بداية، لا يختلف إثنان أنّ مُستوى التعليم قد تراجع بسبب إقفال ​المدارس​ والصُروح التربويّة لفترات زمنيّة طويلة، والضُغوط النفسيّة على التلامذة و​الطلاب​ والأساتذة والمُعلّمين والأهل، بفعل البُعد عن المدارس، بلغت ذروتها. لكن هذا الواقع لا يُبرّر أيّ قرار عشوائي وغير مَدروس، والأهمّ لا يُبرّر غياب التنسيق ما بين الجهات التربويّة المَعنيّة، أكانت رسميّة أم خاصة، وحتى تناحرها في ما بينها!.

بالعودة إلى وزير التربيّة في الحُكومة المُستقيلة، فهو قرّر العودة إلى التعلّم المُدمج بدوامي قبل الظهر وبعده، إعتبارًا من 21 نيسان لصُفوف شهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة، على أن تتوسّع تدريجًا العودة إلى باقي الصُفوف . وبالنسبة إلى الإمتحانات، قرّر الوزير المجذوب أن تبدأ الإمتحانات الرسميّة للشهادة الثانويّة العامة في 26 تمّوز 2021، على أن تبدأ إمتحانات ​الشهادة المتوسطة​ في 12 تمّوز، علمًا أنّها ستكون إمتحانات مدرسيّة، كل في مدرسته مع بعض الإستثناءات.

لكنّ هذه المواعيد المُحدّدة من قبل وزير التربيّة في حكومة تصريف الأعمال، تعني عمليًا العودة إلى المدارس، من دون تطبيق خطّة تعميم اللقاحات، وتعني أيضًا تمديد العام الدراسي حُكمًا حتى منتصف الصيف، وبالتالي تأخير إنطلاق العام الدراسي المُقبل، بسبب إنتظار تصحيح الإمتحانات، ومن ثم إجراء دورة ثانية وتصحيحها أيضًا. وكل ما سبق لاقى إعتراضات واسعة من هيئات تربويّة مُختلفة، الأمر الذي يُنذر بفوضى شاملة على مُستوى الملفّ التربويّ في الأسابيع القليلة المُقبلة. وفي إستعراض سريع للمواقف المُعترضة، نلاحظ إتساعًا مُتزايدًا لرفض تنفيذ قرارات الوزير، مع الإشارة إلى أنّ هذه القرارات “صارت أمرًا واقعًا”، بحسب تأكيد أكثر من جهة تربويّة، لكن هذا لا يعني حتميّة تنفيذها! والأسباب مُتعدّدة:

أوّلاً: إنّ الإعتصامات والإعتراضات بدأت تتوالى، ومنها إعتصام للجنة الطالبية في لبنان، أمام ​وزارة التربية​ والتعليم العالياليوم، رفضًا لتمديد العام الدراسي الحالي حتى الصيف، وللمُطالبة بحسم 35% من قيمة الأقساط، ولإلغاء الشهادة المتوسطة.

ثانيًا: ​رابطة التعليم الثانوي​ أعلنت إمتناعها عن التعليم الحُضوري والإستمرار بالتعليم عن بعد في صُفوف الشهادات وفي الصُفوف الأخرى، وإقترحت أن تكون العودة إلى المدارس بعد أخذ اللقاح الآمن للأساتذة، مُنتقدة البطئ في أخذ اللقاحات، ومُشيرة إلى رفض العديد من الأساتذة الحُصول على لقاح “​أسترازينيكا​”.

ثالثًا: رئيسة إتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة، لمى الطويل، قالت إنه جرى الإتفاق مع الوزير

على أن يُسمح للأهل القلقين على صحّة أولادهم حيال “​كورونا​” بعدم إرسالهم إلى المدارس،

وبمتابعة التعليم عن بُعد من المنازل، على أن تكون إمتحانات نهاية ​السنة​ إلزاميّة للجميع.

وقد لفتت مصادر تربويّة إلى أنّ بعض المدارس الخاصة بادر إلى دعوة الأساتذة إلى الحُضور لتنفيذ خطة الوزير،

لكنّ الإنقسامات في الرأي كبيرة، ولجان الأهل يرفضون المخاطرة بأبنائهم، مؤكّدة أنّ ترك الحريّة لإرسال الأولاد سيتسبّب بفوضى كبيرة في المدارس. أكثر من ذلك، إنّ التفاوت في توقيت العودة سيتسبّب بمشاكل لكثير من الأساتذة الذين يُعلّمون أكثر من صفّ، لجهة عدم إمكان الجمع بين الحُضور إلى المدرسة لتعليم بعض الصُفوف، وفي الوقت عينه إعطاء الدروس عن بُعد لصُفوف أخرى!.

رابعًا: نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، رودولف عبود،تحدث عن أنّ شرط العودة الآمنة لم يتحقّق،

وانتقد غياب التنسيق مع المعلمين والأساتذة. إشارة إلى أنّه يُوجد تخوّف كبير من إرتفاع أرقام الإصابات

مُجدّدًا في نهاية ​شهر رمضان​، بالتزامن مع تكثيف العودة إلى المدارس،

ما سيؤدّي إلى طفرة في أرقام إصابات “كوفيد 19” على مُستوى لبنان بكامله.

خامسًا: حراك المُتعاقدين في المدارس الرسميّة إنتقد التأخر في دفع المُستحقات،

وعدم إعطاء الأولويّة للقطاع الرسمي. وقد زاد هذا الأمر من الشرخ الحاصل بين ​التعليم الرسمي​ والخاص،

ومن تضارب مصالح القطاعين.

سادسًا: المدارس الكاثوليكيّة ترفض كليًا تمديد العام الدراسي، كما هو وارد في خطة العودة،

لأنّ الجميع مرهق من أساتذة وطلاب، ولأنّ المدارس الكاثوليكيّة ستتمكن من إنهاء المناهج الدراسيّة قبل أواخر حزيران،

بما يسمح باطلاق العام الدراسي المقبل في أيلول بشكل طبيعي، حيث أنّ المهم إنقاذ العام الدراسي المُقبل.

في الخُلاصة، الفوضى تامة في الملف التربوي، والتخبّط العشوائي هو سيّد الموقف،

ولا شكّ أن وزارة التربية تتحمّل الجزء الأكبر من مسؤوليّة ما حدث ويحدث! ومن المُتوقّع أن ينتهي العام الدراسي بشكل فوضوي،

حيث ستكون إجراءات المدارس الخاصة مُختلفة عن إجراءات المدارس الرسميّة، وستكون الخلافات بين الهيئات واللجان التربويّة،

وبين هذه الأخيرة وروابط ولجان الأهل، هي الغالبة في الأسابيع المقبلة. والثمن الأكبر سيدفعه الطلاب والتلاميذ للأسف الشديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com