3 أهداف وراء فتح الملفات… هل يدفع العهد لبنان إلى الفوضى؟
المصدر: ليبانون ديبايت
كتب بولس عيسى:
كشفت أوساط سياسية متابعة أن فتح الملفات الذي يحصل تباعاً في لبنان بدءً بالتدقيق الجنائي، مروراً بترسيم الحدود وصولاً إلى الملفات القضائية مع القاضية غادة عون، وما إلى هنالك من قضايا تبرز كل أسبوع لتتقدّم على حساب قضايا أخرى تتراجع، لا يتمّ عن طريق الصدفة، وإنما عن سابق تصوّر وتصميم من قبل فريق العهد، خصوصاً وأن الأهداف من وراء هذه الملفات، تخصّه وقد أصبحت واضحة المعالم.
وعزت الأوساط أسباب إثارة هذه الملفات والمواضيع، إلى محاولة تحقيق ثلاثة أهداف أساسية وهي:
ـ الهدف الأول، يندرج في سياق محاولة توتير المناخات السياسية وتوتير الوضع السياسي وتعبئة الرأي العام اللبناني، والمُراد من كل هذا الأمر، هو الدفع باتجاه الذهاب نحو خيارات متطرّفة. فالرسالة واضحة في هذا الإطار، وهي أنه في حال لم تستقم الأمور سلطوياً وفق ما يريد هذا الفريق ويخطّط، فهو لن يتوانى ولن يتردّد في دفع البلد نحو الإنفجار، وبالتالي الإنهيار،
باعتبار أن فتح هذه الملفات بهذا الشكل، وهذا الكمّ من التوتر على وقع الإنهيار المالي والإقتصادي، يصبح من الممكن أن تدخل البلاد في الفوضى، وبالتالي، يذهب فريق العهد في هذا المنحى مهدّداً وملوّحاً بأنه سيلجأ إلى هذه الخيارات حتى النهاية، ولو وصلت الأمور إلى الفوضى، باعتبار أن الأخيرة بالنسبة إليه يمكن أن تنقل المشكلة باتجاه آخر، فبدلاً من أن يكون التركيز على من تسبّب بهذه الأزمة، وعلى الفريق المتسلّط على البلاد وعلى فشله في إخراجها من الأزمة، يأخذ التركيز إلى منحىً آخر على غرار ما حصل في نهاية ثمانينات القرن الماضي.
ـ الهدف الثاني، هو حرف الأنظار عن موضوع تشكيل الحكومة،
ففريق العهد لن يسمح بأن يتم التأليف إلا وفق شروطه ومصالحه وما يتناسب مع نفوذه على مستوى السلطة، وبالتالي،
هو ليس في وارد التشكيل إلا وفق هذه الشروط، ولذلك،
لديه مصلحة وحاجة من خلال حرف النقاش في البلاد عن ضرورة تأليف الحكومة إنطلاقاً مما يردّده غبطة
أبينا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ووضع هذه المسألة على سلّم الأولويات وتقديم الملف الحكومي على
أي ملف آخر، الأمر الذي هو بطبيعة الحال بديهي،
فعندما تتألف الحكومة يجري التفرّغ لملفات من قبيل الملفات التي تُفتح اليوم،
باعتبار أن هذه الملفات بحدّ ذاتها ليست كفيلة في إيقاف الإنهيار،
وإنما إذا تشكّلت الحكومة فعندها من الممكن أن يكون هناك إنقاذ ومواجهة للإنهيار.
وما يحصل يؤكد بشكل واضح أن هذا الفريق لا يريد التشكيل،
وهو يذهب باتجاه مواضيع وملفات وعناوين أخرى بعيداً عن هذا الملف الأساسي، وذلك لمجرّد إلهاء الناس بهذه العناوين.
الهدف الثالث، يكمن في أن فريق العهد يعتبر أنه من خلال فتح ملف التدقيق الجنائي، وما يقوم به القضاء اللصيق به،
يستطيع أن يدفع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط،
والرئيس المكلّف سعد الحريري إلى التنازل. فهو لا يستخدم هذه الملفات من منطلق إصلاحي،
وإنما من منطلق ابتزازي، لأنه، وفي اللحظة التي يحصل فيها على شروطه ومكاسبه،
يتراجع عن كل هذه الملفات، وما حصل في موضوع “الإبراء المستحيل”،
أكبر دليل على أن فريق العهد يعمل وفق منطق “سلطوي” محض، ومبني على النفعيّة، ذلك أنه،
وفي لحظة وصوله إلى مبتغاه يتراجع مباشرةً عن العناوين البرّاقة والعريضة والكبيرة التي يكون قد رفعها مسبقاً.
وشدّدت الأوساط، على أنه ما لم يصل فريق العهد إلى ما يريده على مستوى الحكومة،
ستبقى الأمور مفتوحة، أي أنه سيواصل الضغط على هذا القيادات الثلاث التي يخشاها فريق العهد كثيراً،
باعتبار أنه لدى هذا الثلاثي مرشحاً لرئاسة الجمهورية، وهو يتكتّل ضدّه،
وبالتالي ما يقوم به فريق العهد اليوم هو من باب التحضير للمواجهة.
ولاحظت الأوساط، أن فريق العهد سيواصل التورية والتعمية عن الملف الأساس، من خلال فتح ملفات وإطلاق عناوين كبيرة
وبرّاقة غبّ الطلب، لكن الأخطر من كل هذا، يكمن في أنه لجأ إلى متطوّر جديد،
وهو اللجوء إلى الأرض من خلال التوتير الذي تقوم به عناصره، الأمر الذي يذكّر الجميع بمشهد قديم في نهاية ثمانينات
القرن الماضي، وكأن هناك من يعمل على استعادة هذا المشهد مجدداً، وبالتالي،
يقوم “بتخدير” قواعده كما سبق وحصل في السابق، وكأنه من خلال هذا الأسلوب،
يوجّه رسالة واضحة مفادها أنه على استعداد للقيام بأي شيء على هذا المستوى.
وشدّدت الأوساط، على أن فريق العهد، يستطيع من خلال هذه الأهداف الثلاثة التي يذهب باتجاهها،
أن ينجح في كسب مسألة “بضهر البيعة” وهي إبعاد التركيز عن المساءلة والمحاسبة عن الجهة التي أوصلت لبنان
إلى هذا المصير الكارثي اليوم، والتهرّب من هذه المسؤولية عبر حرف الناس عن اهتماماتها الأساسية
وأولوياتها من خلال جرّهم إلى ملهاة جديدة.
وختمت الأوساط، موضحةً أن الوضع في البلاد اليوم بات خطيراً جداً، ولبنان أمام مصير انهيار حتمي
في حال لم تتألف حكومة واضحة المعالم والأهداف.