رقصة أخيرة.. على باب جهنم!
بقلم نبيل هيثم – الجمهورية
صحيح أنّ الساعة الصفر لرفع الدعم لم تحن بعد، لكن محاولات شراء الوقت لم تعد تنفع، وسيتجرّع اللبنانيون عاجلاً أم آجلاً الكأس المرّ، الذي يجعل المخيلة تذهب بعيداً في التفكير بتداعيات سيناريوهات ما بعد رفع الدعم، على وقع الارتفاع الهستيري في الأسعار، في ظلّ انهيار الليرة التي خسرت أكثر من 90 في المائة من قيمتها مقابل الدولار، وفي ظلّ أرقام فلكية بات معها اللبنانيون مضطرين الى تغيير سلّتهم الغذائية، التي ستصبح اللحوم بأنواعها المتعددة عملة صعبة فيها.
كل ذلك يعني أنّ الأمور تسير بانتظار لحظة الارتطام الكبير التي لن تتأخّر كثيراً، طالما أنّ اللبنانيين باتوا عالقين بطبقة سياسية تحرّكها الأهواء الخاصة، فلا يهمّها جائعاً ولا مريضاً ولا معوزاً، إلّا بقدر ما يمكن أن تستثمر مأساتهم لغايات فئوية.
الأخطر في ما يجري، وهو ما يمكن البناء عليه في توقّع المستقبل الأسود، أنّ اللبنانيين فقدوا الثقة بالكل: أولاً، بالطبقة السياسية؛ وثانياً، بالمجتمع الدولي؛ وثالثاً، وهنا الأهم، بالحراك الذي بات اسماً على غير مسمّى، وصارت اقصى إنجازاته، تدوينة عبثية على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما سقطت ورقة التوت عن الجميع، وبعدما انكشفت لعبة تبادل الأدوار بين لعبة قصور السياسة ولعبة الشارع.
ما سبق يعني أنّ لحظة الارتطام المنتظرة ستكون بالنسبة إلى الجميع أشبه بسيناريو يوم القيامة. لن يسلم أحدٌ من غضب الجوعى، ولن يكون بمقدور أحد أن يوقف خروجاً فوضوياً لفئات شعبية لم يعد لديها ما تخسره، سوى غضبها الذي سيُوجّه ضدّ الذين تسببوا بويلات وطن، كان حتى الأمس القريب قادراً على أن يقدّم نموذجاً للصمود أمام العواصف العاتية؛ أو ضدّ الذين تخاذلوا ومارسوا الخداع في الشارع، متماهين في ذلك مع الطبقة الحاكمة التي يفترض أنّهم خرجوا ليلة 17 تشرين الأول لإسقاطها، بحفلات رقصات الموت الاخيرة على تخوم جهنم، الذي بتنا منه على مسافة زمن قصير!