ماذا يفرح اللبنانيين في هذا الوضع؟
المصدر: ch23
اذا نظرنا الى الوراء، نرى أننا كشعب لبناني كنّا فرحين دون أن ندري. نجد حياتنا السابقة مريحة ومرفّهة ولا تشكو من شيء، رغم اننا حينها كنا نشكو كما اليوم من كل شيء. لكنهم يقولون أنك لا تقدّر قيمة الاشياء حتى تفقدها، فبعد سنتين من الحزن المتراكم بشكل هائل فوق صدورنا، ما الذي يفرحنا حقًّا؟
سؤال كبير ومهم، يجعلنا نشرد بأفكارنا ونتفحص واقعنا ونقيّمه لنختار على اساسه: ماذا نريد نحن؟ وسط كل هذا الخراب ماذا يفرحنا اة ينقءنا من بين فكيّ الاكتئاب والقلق؟ الاجابة ربما في البدء تكون سهلة، أي واقع غير واقعنا قد يفرحنا، يفرحنا ألا نعيش في هذه البقعة الجغرافية وسط رائحة الدم والبارود والجوع والفقر. يفرحنا لو أننا بقينا كما كنا قبل ان نلمس الانهيار الاقتصادي بأيدينا، قبل ان يتحول الجوع الى واقعنا بعدما كان عنوان مقلق في الصحف، قبل أن يتفشى وباء كورونا ويرمي بنا وراء جدران المنازل وحيدين بلا أمل او طموح او حتى رؤيا مستقبلية، قبل أن تدق الحرب الاهلية والحروب الخارجية بابنا كل يوم وتقلقنا وتفقدنا استقرارنا النفسي والجسدي، قبل ان نضطر على التخلي عن مأكولاتنا المفضلة لأننا لم نعد قادرين على شرائها، قبل ان نُمنع من السياحة في بلدنا بسبب الحجر وبسبب الغلاء وبسبب غلاء البنزين وانقطاعه، قبل أن نترك مكاتبنا واشغالنا الحيوية ومدارسنا وجامعاتنا لنستكين وراء الشاشات في المنزل نعمل وفقا لسرعة الانترنت، قبل ان يأكل انفجار شبه نووي نصف عاصمتنا وكل قلوبنا.
هل روضتنا هذه الازمة؟ هل هذبت نفوسنا؟ هل ارتنا ما كنا عاجزين عن رؤيته والامتنان لوجوده؟ هل يخطر في بالكم ان تكون هذه الاحداث مجرد مؤامرة لنترحم على أيام زمان؟ نعلم انها ليست كذلك ولكن يحق للمرء ان يتساءل. من منا لا يتمنى حياته السابقة؟ جميعنا راضٍ بأي رئيس للحكومة وأي رئيس للبلاد شرط أن يعيد البلاد الى حالها، حتى ولو اننا خرجنا مسبقا الى الشوارع لاسقاطهم، لكننا اليوم لا يهمنا سوى اصلاح البلد لان هذا الشعب متعب حد الموت.
نخرج اليوم الى السوبرماركت، فنرى ان سعر الدجاج قد انخفض الف ليرة فنفرح! يقول لنا اللحام “انبسطوا اليوم اللحمة ب ٩٠ الف” فنفرح. نرى ان علبة التونا أصبحت ارخص ب ٢٥٠ فنفرح. نصل الى السوبرماركت فنحصل على غالون زيت مدعوم فنقيم احتفالا. نصل مبكرا الى محطة البنزين و”منفولها” فنتصل بالاصدقاء لنخبرهم عن الحدث العظيم! نقرأ على مواقع التواصل الاجتماعي “انخفاض في سعر صرف الدولار” فنصرخ منتصرين.
ماذا توقعتم الاجابة؟ ماذا يفرحنا؟ مسرحية دسمة، كتاب جميل، فيلم سينمائي ضخم، كزدورة نهار الاحد، لمّة العيلة على الاعياد، مهرجان في حي الضيعة؟ ماذا توقعتم؟ أن نفرح لأخبار واحداث عظيمة؟ لقد روضتنا هذه الازمة لنفرح برغيف خبز زائد.