بعد قرار المركزي والمصارف: هل ستتراجع تسعيرة الدولار بشكل كبير في السوق السوداء؟
المصدر: ليبانون فايلز
نشر ليبانون فايلز:
يسيّر سعر صرف الدولار في السوق السوداء يوميّاتنا في كلّ تفاصيلها. فبعد أن غادر الـ comfort zone المُصطنعة، أي الـ 1500 ليرة منذ زمن غير بعيد، وطار الى ما يفوق العشرة آلاف ليرة بظرف أشهر، حتّى بات حاضرنا مُرتبطاً بتسعيرته اليومية المُتّصلة بدورها بالأزمة السياسية المُستفحلة يوماً بعد يوم. كلّ المعالجات الموضعية لم تفلح حتّى الساعة بتخفيض سعر صرف الدولار، وآخرها ما حُكي عن انّ إطلاق المصرف المركزي منصّة صيرفة سيؤدي الى خفض سعر الصرف الى ما يقارب العشرة آلاف ليرة. انطلقت المنصّة في السابع عشر من أيار الفائت، فقفز الدولار من اثني عشر ألفاً وخمسمئة ليرة حينها الى ما يفوق الثلاثة عشر ألفاً بقليل.
ولم يكن ينقص مشهد التخبّط الذي تسير وسطه الدولة اللبنانية بكامل إرادتها الى الإنهيار بعد عجزها، أو بالأحرى عدم رغبتها بتنفيذ أيّ حلول للخروج من المأزق، سوى ما نتج عن القرار الأخير لمجلس شورى الدولة بتعليق العمل بالتعميم 151 لمصرف لبنان، القاضي بتحديد سعر 3900 ليرة لكلّ دولار محجوز في المصرف. قرار قضائي جاء إثر طعن تقدّم به ثلاثة محامين في الأول من نيسان الفائت بتعميم المركزي، عمد المعنيون بعد ساعات على إبلاغه لمصرف لبنان ومنه الى المصارف التجارية الى احتواء تداعياته على وجه السرعة، بعد أن اصطفّ اللبنانيون لساعات أمام الـ ATM ليسحبوا ما أمكنهم من ملايين لم يعد لها قيمة، ولكنّها على الـ 3900 تبقى أفضل من الـ 1515. تدخّلت المراجع العليا وابتدعت الحلول لهفوة قاض لم يحسبها جيّداً، فأتت النتيجة بخلاف النيّة ولو كانت حسنة، لن تكون المشهدية الوحيدة في زمن الإنهيار والتخبّط، فالأمور مفتوحة على الكثير من المشاهد المُشابهة مُستقبلاً.
وكما يقول المثل الشعبي “الكحل أحلى من العمى”، باتت أقصى أمانينا اليوم بأن يعود سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى العشرة آلاف ليرة، وهي العتبة نفسها التي ما أن تخطّاها قبل نحو ثلاثة أشهر حتّى أشعل تحرّكات شعبية كانت، على محدوديّتها، الأكبر منذ ثورة 17 تشرين.
هو الدولار، بأسعاره الرسمية والتي تتبع المنصّة والأخرى الخاضعة للسوق السوداء وتلك المُستحدثة على منصّة صيرفة، يتحكّم بنا من أبسط أمورنا الى أعظمها. هو بأسعاره هذه يبيّن هشاشة نظامنا الاقتصادي المُفتقد لأيّ عنصر قوّة وقيمة عملتنا المُنعدمة، ويكشف الكذبة الكبرى التي عشنا في ظلّها مطمئنين على مدى أعوام بأنّ أوضاعنا المالية ممتازة والليرة بألف خير!