“حزب الله” سحب من باسيل هذه الورقة
“ليبانون ديبايت” – بولس عيسى
بعد انقضاء أسبوع الترقّب والمؤشّرات الإيجابية لولادة الحكومة خالي الوفاض، أطلّ علينا الأسبوع الجديد بتعديل وتغيير في معادلات الإشتباك السياسي الحاصل في البلاد، بعدما تقاطعت المعلومات من كل الإتجاهات بأن “حزب الله”، عمد إلى سحب ورقة ضغط مهمّة من يد صهر حليفه الإستراتيجي الأول وهو رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. هذه الورقة التي لوّح بها الأخير مراراً وهي الدفع باتجاه إنتخابات نيابيّة مبكرة.
فقد أكّدت المصادر القريبة والبعيدة والأوساط العليمة والمراقبة، المعلومات الأكيدة وشبه الأكيدة أن “حزب الله” أبلغ باسيل، أن المجلس النيابي الحالي باقِ على ما هو عليه حتى الثانية الأخيرة من ولايته، وبالتالي، هو يرفض رفضاً قاطعاً أي انتخابات نيابية مبكرة، ويعتبر أن أي كلام من هذا القبيل أو خطوة بهذا الإتجاه سيعتبرها موجّهة ضدّه.
وبناءً عليه، السؤال البديهي الذي يراود أذهان كل مراقب في السياسة هو: لماذا أقدم الحزب على سحب هذه الورقة من يد باسيل بهذا الشكل الذي تتكلم عنه المعلومات والمصادر أي “بالإكراه”؟ وما هي دوافع “حزب الله” للقيام بأمر مماثل؟
وفي هذا الإطار، اعتبرت أوساط سياسية، أن الأسباب التي دفعت الحزب للقيام بهذه الخطوة ثلاث:
الأول مرتبط بالجانب المعنوي للرئاسة الثانية، بحيث أنهم يرفضون رفضاً قاطعاً أي مسّ بهذا الجانب وتم إبلاغ باسيل هذا الأمر،
باعتبار أن المسّ بهذه الرئاسة يُعدّ مسّاًّ بالخطوط الحمر التي لا يسمح الحزب بتجاوزها مهما كانت الأسباب أو الظروف،
لأنها مسألة تتعلّق بالمشروعية الشيعية على مستوى السلطة،
وأي محاولة لتقصير ولاية مجلس النواب يعتبر ضرباً لهذه المشروعية،
لذلك لا يمكن التهاون مع هكذا محاولة أو السماح بها، فالثنائي الشيعي يعتبر أن ولاية المجلس
أصبحت ثابتة بعد اتفاق الطائف ومسألة تقصيرها معقّدة، كما أن العودة إلى الجمهورية الأولى ممنوع
وهذه هي الخطوط الحمر السياسية التي لا يُسمح أبداً الدنو منها لا من قريب ولا من بعيد بالنسبة للثنائي.
ولفتت الأوساط، إلى أن السبب الثاني مردّه إلى أن الثنائي الشيعي يعتبر أنه خلال مرحلة الأشهر الثمانية المقبلة،
سيتمّ حسم مسألة المفاوضات في الخارج، لذا المطلوب خلال هذه المرحلة الحفاظ على “ستاتيكو”
سياسي في لبنان بعيداً عن أي تغيير على أي مستوى،
ولذا يجب الذهاب إلى تأليف حكومة، وليس إلى خلط أوراق على مستوى القيادة،
وجلّ ما يريده “الحزب” اليوم، هو شدّ الأحزمة والذهاب باتجاه تشكيل الحكومة فوراً،
وبعيداً عن أي طروحات أخرى من الممكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى قلب الطاولة، فيما الوقت ليس مناسباً اليوم لأمر مماثل.
وأشارت الأوساط، إلى أن السبب الثالث، هو أن “حزب الله” يدرك تماماً أن المزاج الشعبي العام،
وتحديداً في صفوف المسيحيين، أي على أرضية “التيار الوطني الحر” التي شهدت تحوّلاً كبيراً،
صبّ لمصلحة خصم الحزب المباشر في لبنان وهو حزب “القوّات اللبنانية”،
لذا لا مصلحة لدى “حزب الله” إطلاقاً في تشريع هذا التغيير على مستوى المزاج العام، وبالتالي،
قلب موازين القوى الوطنية باعتبار أن هذا التشريع، أي تمكين الناس لإعطاء توكيلها النيابي لمن ترى فيه شبيهاً لتطلّعاتها،
سيؤدي إلى قلب الموازين داخل البرلمان، الأمر الذي ستستفيد منه الأحزاب السيادية في البلاد،
وفي طليعتها “القوّات اللبنانيّة” التي ستكون أكثر المستفيدين.
وختمت الأوساط، قائلةً أن “حزب الله” يتحرّك “على صفر”، بحسب التعابير العسكرية،
تبعاً لقاعدة “أي شيء يفيد القوّات اللبنانية، فهو يضرّ بمصلحة الحزب أياً يكن هذا الشيء”،
باعتبار أنه في حال تحوّلت “القوّات” إلى الحزب الذي يملك أكبر كتلة برلمانية في لبنان،
فهذا الأمر بطبيعة الحال سيقلب الأكثرية النيابية من مكان إلى آخر،
الأمر الذي يعتبره الحزب مسألة حياة أو موت بالنسبة له داخلياً،
باعتبار أن هذا التغيير سيؤثر حكماً، وبشكل مباشر على جميع الإستحقاقات الداخلية المقبلة.