ما قبل “الإنفجار الكبير”
المصدر: لبنان 24
لا بنزين ولا مازوت. الذّل أمام محطات المحروقات لم يعد يُحتمل. الحلول النظرية كثيرة، ولكن لا شيء عمليًا على الأرض. يُحكى أن سعر صفيحتي البنزين والمازوت في حال رُفع الدعم سيتخطى المئة ألف ليرة. أجرة السرفيس ستصبح 15 ألف ليرة. حينها ستضرب أسعار المواد الغذائية والفاكهة والخضار الأرقام القياسية من جديد. الصرخة سترتفع في الشارع، وسيكون لصداها الصدى الموجع. الناس لن ترحم أحدًا هذه المرّة. النقمة ستطال الجميع، وسيكون لشعار “كلن يعني كلن” ترجمة على الأرض من دون ضوابط أو حدود. الفوضى ستكون سمة المرحلة الآتية، وهذا ما يتخّوف منه كثيرون، مع خشية أن تصل حدود هذه الفوضى إلى العبث بالأمن العام، خصوصًا بعد المعلومات المؤكدة عن إنتشار السلاح الفردي في شكل غير طبيعي وغير مسبوق.
-لا دواء في الصيدليات. لا بنج في المستشفيات. لا مواد أولية لإجراء الفحوصات المخبرية في المختبرات. الأسعار ترتفع من دون “حسّ أو حسيس”. ونعود دائمًا إلى نغمة رفع الدعم عن الدواء وعن المستلزمات الطبية وعن بعض الحالات المرضية المزمنة كغسل الكلى مثلًا. صحة المواطن خط أحمر. لا تتلاعبوا بها. المزح في الأمور الصحية غير مسموح. ممنوع الغلط وممنوع الإستهتار بالحدّ الأدنى من الإجراءات الوقائية، خصوصًا بعد الحديث عن تراجع مستوى الخدمات الصحية في ضوء تضاؤل نسبة تغطية المؤسسات الضامنة للمرضى. هناك حديث بأن ثمة أزمة مستعصية في هذه المؤسسات ولا سيما في الضمان الإجتماعي والصحي.
لا كهرباء بل المزيد من العتمة والمزيد من الأعباء المالية ومزيد من “التعتير”، حتى أن اصحاب المولدات،
الذين جنوا أموالًا طائلة على مدى سنوات، باتوا يتحكّمون برقابنا. لا كهرباء في المنازل والمعامل والمستشفيات فيما بواخر الفيول تنتظر في البحر.
-لا عمل ولا وظائف ولا فرص عمل جديدة متاحة فيما يتزايد أعداد الشباب المتخرجين من الجامعات
والمعاهد والعاطلين عن العمل، وقد أصبحت وجهتهم خارج الحدود.
عدد كبير من المؤسسات والشركات بدأ التفكير جدّيًا بتقليص نشاطاته،
حتى أن القسم الأكبر منها قد أقفل أبوابه وأستغنى عن خدمات موظفيه.
-ثمة أزمة تلوح في الأفق، وهي الأخطر، حيث يُقال أن الطحين بدأ ينفد من الأسواق، مما يعني أننا مقبلون على أزمة رغيف، مع ما يترتب عن ذلك من نتائج كارثية على المستوى الشعبي، خصوصًا أن الخبز هو القاسم المشترك على موائد الفقراء.
لا سيولة بين أيدي المواطنين، بإستثناء قلّة، خصوصًا أن “التحويشة” التي إستطاع البعض تهريبها من المصارف
قبل الأزمة المالية، والتي وضعت في المنازل كإحتياط إلزامي، بدأت تنفد.
وهذا الأمر ربما ساعد كثيرين في الصمود مدّة طويلة، وفي تأخير صاعق “الإنفجار الكبير”.
وعلى رغم ذلك لا نزال نسمع من يقول بأن الوضع ليس مأسويًا كما يحلو للبعض تسويقه لغايات سياسية مشبوهة،
ولتشويه صورة العهد ولضرب هيبة الدولة ومصداقية المؤسسات.
ويعطي هؤلاء دليلًا على صحة ما يزعمون أن المقاهي والمطاعم “مفولة”،
مع أن الكلفة للشخص الواحد 450 ألف ليرة تقريبًا، أي ما يعادل الـ 35 دولارًا.
للمتفائلين زيادة عن اللزوم نقول إن الذين “يفوّلون” المقاهي والمطاعم هذه الأيام لا تتعدى نسبتهم الـ 20 في المئة
من مجموع الشعب اللبناني، وهم في أغلب الظن من إستطاع، بقدرة قادر، أن يهرّب أمواله إلى الخارج،
وهم المستفيدون الوحيدون من إرتفاع سعر الدولار على حساب تدّني القيمة الشرائية لليرة اللبنانية.
هذه اللائحة الطويلة مما هو محرّم على اللبناني أن يتمتع بها،
وهو يدفع ثمنها من جيبه الخاص أضعاف ثمنها الحقيقي ستوّلد في النهاية “إنفجارًا كبيرًا، وقد لا ينجو من شظاياه من كان المسبّب.