الإعتذار وارد… ولكن في هذه الحال فقط
المصدر: لبنان 24
أعطى إجتماع المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، الذي عُقد أمس في دار الفتوى، برئاسة المفتي عبد اللطيف دريان، أي رئيس مكّلف، سواء أكان الرئيس سعد الحريري أو سواه، غطاء شرعيا لتطبيق الدستور في اي عملية لتشكيل أي حكومة من دون زيادة أو نقصان، ومن ضمن صلاحيات رئاسة الحكومة، التي لا يمكن التفريط بها تحت أي مسمّى، حتى ولو كان من يُطلب منهم المزيد من التضحية هم “أمّ الصبي”.
فإعتذار الرئيس الحريري، إن حصل، لم يكن واردًا من قبل سوى في أذهان بعض الذين لا يريدونه في الأساس تشكيل آخر حكومة في عهد الرئيس ميشال عون، حتى أنهم ذهبوا في عملية تعطيل هذا التشكيل، ومعه تعطيل البلد، إلى أقصى التطرف. وهذا ما كشفه معاون الرئيس نبيه بري النائب الحاج علي حسن خليل، الذي قال، وبالفم الملآن، أن النائب جبران باسيل هو من يعرقل مبادرة رئيس مجلس النواب، التي يعتبرها البعض “آخر الدواء”.
لم يعد هناك من شك في أن رئيس “التيار الوطني الحر” لا يريد في أي شكل من الأشكال أن يكون رئيس تيار “المستقبل” رئيسًا لحكومة ما تبقّى من أيام في العهد الحالي، على رغم التصريحات العلنية التي توحي بعكس ما يُضمر، وهي أقل ما يُقال فيها إنها بمثابة ذرّ المزيد من الرماد في العيون. هذه هي خلاصة الخلاصات. ولم يعد يجدي بالتالي التفتيش عن أسباب أخرى لتبرير تعطيل تشكيل الحكومة. فلم يعد التمسّك بالثلث المعطل ولا بتسمية الوزيرين المسيحيين ولا بتسمية وزيري الداخلية والعدل حججًا تقنع أحدًا، ولم تعد صالحة لكي “تقلي عجّة من غير بيض”. فبعد كلام النائب خليل، والشاهد على هذا الكلام كل من الحاجين حسين خليل ووفيق صفا، اللذين لم يمارسا أي ضغط على باسيل لإقناعه بوجهة نظر الرئيس بري، الذي يريد أن يأكل عنبًا وليس أن يقتل الناطور. والتبرير المعطى من قبل “حزب الله”
بأنه لا يضغط لا على حلفائه ولا على غير حلفائه لم يقنع أحدًا من المتعاطين بالشأن الحكومي،
لأن الجميع يعلمون مدى “مونة” الحزب على رئيس “التيار البرتقالي”،
على رغم إنزعاجه من كلامه الأخير عن سلاح المقاومة وورقة تفاهم مار مخايل.
مصادر مقربة من “بيت الوسط” ردّت على مروجي إمكانية لجوء الرئيس الحريري إلى الإعتذار،
فأعتبرت أن هذا الأمر، إن حصل، هو نتيجة أعمال الذين لا يريدون أن يتشارك معهم أحد في المسؤولية،
على رغم إيصالهم البلد إلى الهاوية السحيقة، التي يتطلب الخروج منها أكثر من معجزة.
وتقول هذه المصادر إن الإعتذار ليس حلًّا. ولو كان كذلك لما كان الرئيس الحريري تردّد في السابق،
ولو للحظة، في الإقدام عليه. قد يحمل اليومان المقبلان الكثير من المفاجآت، خصوصًا أن إجتماع دار الفتوى
كان واضحًا في تحميل مسؤولية التعطيل لـ”الفريق الآخر”، من دون أن يسميّه،
بعدما أصبح عدد المسلاّت الموجودة تحت أبط هذا “الآخر” بعدد شعر رؤوسهم.