“انكسرت الجرة” بين بعبدا – عين التينة..لبنان إلى أين؟
المصدر: جنوبية
يقول أحد الظرفاء أن “تأليف الحكومات في لبنان أصبح أعقد من صياغة نظام عالمي جديد”، هذا القول الذي يحمل الكثير من المرارة والتهكم، فيه الكثير من الصحة، أيضا فحرب البيانات التي بدأت من بعبدا أمس، بإنتقاد الوساطات الحاصلة لإخراج الحكومة من عنق “الزجاجة”، وبالتحديد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، كان الرد اليوم من عين التينة بأنه “بإسم الشعب اللبناني تحركت وأتحرك”، مفندا ما يحق لرئيس الجمهورية “دستوريا” في عملية التأليف وما لا يحق له .
بيان عين التينة يشير إلى أنه “بلغ السيل الزُبى” مع بعبدا ومناوراتها، التي تنتهجها لوضع العصي في دواليب التشكيل، منذ أن تّم تكليف الرئيس سعد الحريري في تأليف الحكومة، ومحاولات نزع الشرعية السياسية عنه(دعوة الرئيس عون النواب إلى تحكيم ضمائرهم عشية الاستشارات النيابية ومن ثم الرسالة التي وجهها إلى مجلس النواب)، ونزع الاهلية الاخلاقية عن الحريري بإتهامه بأنه كاذب، في الفيديو المسرب للرئيس عون، إلى أن وصل الامر للقول لرئيس المجلس النيابي عبر بيان “لا صلاحية لك في تأليف الحكومة” .
كل هذا المسار الذي سلكته عملية التأليف، والخضات التي شهدتها مبادرة الرئيس بري (مناوشات النائب علي حسن خليل مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل)، يجعل السؤال “ماذا بعد أن إنكسرت الجرة بين بعبدا وعين التينة” مشروعا، خصوصا أن تراكم الازمات يجعل المشهد الداخلي عصيا على الفهم.
يجيب نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش على هذا السؤال بالقول:”بعد بيان رئاسة الجمهورية أمس، يبدو أن الرئيس بري ضاق ذرعا بالمناورات لفريق رئيس الجمهورية ووضع الامور بنصابها”، لافتا إلى أن “ما تضمنه رد رئيس المجلس دقيق، ووضع الامور في نصابها لأنه بحسب الدستور، لا يعين رئيس الجمهورية الوزراء ولا يملك ثلثا معطلا، وتسميته للوزراء فيأتي في إطار التفاهم بين جميع الافرقاء”.
يضيف:”أما حين يحرض رئيس الجمهورية على رئيس الحكومة المكلف،
ولا يريد فريقه السياسي منح حكومته الثقة أو تسميته في المشاورات النيابية،
فالمنطق يقول أنه لا يجب أن يكون لرئيس الجمهورية أي وزير،
والايحاء بأنه يجب أن يعين الوزراء المسيحيين، فهذا الامر أيضا يعني الامعان في تشريح البلد وليس فقط ضربه”.
يرى علوش أن “كلام بري هو رد على كل هذه العناصر، وهو وضع النقاط على الحروف حتى لو قطع الجسور،
هو أفضل من الاستمرار في الدوران غير المجدي”، مشددا على أنه “لا يعرف مسار الايام المقبلة،
وغدا هناك تحرك الاتحاد العمالي العام، والمشكلة أنه حين ينفجر الشارع بشكل مفتوح من سيستطيع لملمته؟”.
ما هو دور حلفاء بري أي المستقبل والاشتراكي في هذه المواجهة الدائرة؟ يجيب علوش:
”أعتقد أن الامور منسقة بينهما، وحاليا الشغل على التكتيك أي كلام و كلام مضاد و تصرف و تصرف
مضاد بإنتظار وصول الامور إلى قطيعة كاملة أو حالة العصيان في بعبدا على غرار ما حصل في العام 1989″.
ويختم:” أؤكد أننا سنصل إلى هذه الحالة أي سنصل إلى نهاية العهد ولن يترك الرئيس عون القصر وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه”.
على ضفة اللقاء الديمقراطي يرى عضو اللقاء النائب بلال عبد الله لـ”جنوبية” أن “بيان الرئيس بري في سياق البيانات
التي تصدر من مكان آخر والسجال الاعلامي( بغض النظر عن المضمون)، يصعب الامور ولا يسهلها
ويضعنا أمام مأزق كبير جدا”، لافتا إلى أنه “قد تمّ أولا إفشال مهمة الخليلين في المساعدة على تشكيل الحكومة،
وإستمر بالهجوم على مجلس النواب مما إستدعى الرد من مجلس النواب”.
ويسأل عبد الله: “ليس بهذه الطريقة تُحل أزمة بلد يحتضر، وبدون أن نكون في إصطفاف سياسي
مع أحد الاطراف ضد الطرف الآخر(مع إعتزازنا بعلاقتنا المميزة مع الرئيس بري) و بعد إنهاء المبادرة الفرنسية،
ما هو البديل عن مبادرة رئيس المجلس التي إنطلقت من زيارة وليد جنبلاط إلى القصر الجمهوري؟”.
ويشدد على أن “وليد جنبلاط لم يوقف تحركه من الاساس، وإقتراحه حكومة 24 وزيرا كان هو أول
تنازل من قبله لصالح تسهيل التشكيل، حيث تم التغاضي عن موضوع التمثيل الدرزي وكان المطلوب من الباقين أن يحذو حذوه”،
لافتا إلى أن “المهم هو حل مشكلة البلد، وهذه الرسالة لم تصل لأن الجميع معني بالتنازل بدل وضع سقوف عالية جدا،
والتلطي بشعارات طائفية و صلاحيات الطائف”.
ويختم:”من الطبيعي أن يتحرك الشارع ولا أحد يلومه على إعلاء الصوت، أمام هذا التعطيل الذي هو أسبابه داخلية”.