دولار التجّار بـ 12 ألف والتسعير على سعر السوق!
بقلم ميرا جزيني عساف – ليبانون فايلز – الحدث
سريعاً يشتدّ الخناق على أعناق اللبنانيين بينما السياسيون غارقون في جدل بيزنطي يمنع حتّى الساعة ولادة الحكومة. نصف الشعب اللبناني بات اليوم تحت خطّ الفقر ومن لم يطله الفقر بعد لحيازته بعض الدولارات في بيته، بات يخشى الخروج من المنزل حتّى الى السوبرماكت لشراء حاجياته الاساسية. أمّا الخروج لـ “تغيير الجوّ” فمُستبعد أيضاً، لأنّ الكلفة في الحالتين أكثر من باهظة والقدرة عليها باتت شبه معدومة. ولأنّ الأيام التي نقبل عليها مُرشحّة لأن تكون أكثر سوداوية، فإنّ الأموال بالعملة الصعبة إن وُجدت فهي مخبّأة للطوارئ.
الى هذا الحدّ انحدرت أحوالنا سريعاً، وما كنّا نبذّره في الماضي غير البعيد على حياة شبه مُترفة بات لا يكفي لمشوار الى السوبرماركت حيث الجنون بعينه، فبتنا نفكّر وفق قاعدة “ما تستطيع شراؤه اليوم لا تؤجّله الى الغد”.
يروي أحد التجار وهو صاحب سوبرماركت في منطقة ساحل المتن كيف ترتفع أسعار السلع من أسبوع الى آخر، لأنّ تجار الجملة الذين يوزّعون المواد الاستهلاكية يتحجّجون بإرتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. ولكن مهلاً، ألم توفّر منصّة صيرفة التي أطلقها مصرف لبنان منذ حوالى الشهر الدولار للتجّار على سعر 12 ألف ليرة مع هامش ربح طفيف للمصارف، وبات غالبية التجار يلجؤون إليها من أجل شراء الدولار لاستيراد المواد الغذائية والاستهلاكية على أنواعها؟ طبعاً، يجيب هذا التاجر مشيراً الى أنّه بنفسه يسعى الى تجميع كتلة نقدية مهمّة يذهب بها الى المنصّة لشراء الدولار بـ 12 ألف وتأمين استمرارية عمله. هذا التاجر الذي يوفّر للمتسوّقين في مؤسسته التجارية عروضات أسبوعية “حتّى نفاد الكمية”، يتّبع هذه السياسة لتسويق ما لديه بأسعار مُنافسة وتجميع الكتلة النقدية التي أشار إليها ليذهب بها الى المنصّة بغية الاستيراد على سعر 12 ألف ليرة.
ماذا يجري إذا في المقابل؟ الجواب بسيط، ويتمثّل في أنّ غالبية التجار يشترون الدولار بـ 12 ألف من منصّة صيرفة ويسعّرون البضائع التي يستوردونها على سعر السوق، وأحياناً أكثر بقليل، خوفاً من ارتفاع سعر صرف الدولار، من أجل تأمين أرباح إحتياطية ومن دون أيّ عين رقابية. وبهدف تطويع صغار التجّار ومن ورائهم المستهلكين يعمد “رجال الإحتكار” الى سحب البضائع من الأسواق أو تقنينها لفترة معيّنة فيهدّدون مجتمعاً بأكمله بالتجويع.
إنّه فعلا زمن الإنحدار نحو جهنّم، حيث لا ضمير ولا من يحزنون!