اخبار محلية

ما قصّة الحريري مع ساعة يده؟

المصدر: أساس ميديا


عندما قدّم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته من الرياض في الرابع من شهر تشرين الثاني 2017 احتلّت ساعة اليد، التي يحملها عادةً في معصمه، المجال الإعلامي في لبنان، بعدما غابت عن يده في المؤتمر الصحافي الذي قُدّمت فيه تلك الاستقالة، فبُنيت على ذلك الكثير من القصص والشائعات والروايات في كلّ إطلالاته اللاحقة، تبعاً لوجود الساعة في معصمه أو لا، وخلفيّات ذلك.

منذ أن عاد الرئيس سعد الحريري من السعودية، وتراجعه عن الاستقالة في 22 تشرين الثاني 2017، وهو لا يحمل ساعة، بالمفهوم السياسي، يعتمد عليها لتحديد مواعيده السياسية لجهة اتخاذ القرار بالإقدام أو الانكفاء، وفي التحالف أو المخاصمة، معتمداً على ساعات الآخرين من الحلفاء أو الأصدقاء أو المقرّبين.
استند عند عودته إلى توقيت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أو بكلمة أدقّ، إلى توقيت صهر العهد النائب جبران باسيل، فشكّل حكومته، وأصدر التعيينات، ونظر إلى كلّ الملفّات، وتحديداً ملفّ الكهرباء، وفقاً لتوقيت قصر بعبدا، فكانت أشهر الودّ والتحرّش المحبّب بين الطرفين على قاعدة “يتمنّعنّ وهنّ الراغبات”.


 
استقال الرئيس سعد الحريري مجدّداً، إثر ثورة 17 تشرين، وذلك في 29 تشرين الأول 2019 ، فظنّ الجميع أنّ الرئيس الحريري بهذه الاستقالة استعاد ساعته السياسية بعدما سبق كلّ أطراف المنظومة السياسية بالخروج من المركب الذي يغرق، كما وصفه السيّد حسن نصر الله محذّراً في حينه أيّ فرد من ركّابه من النزول لوحده والهروب من المسؤولية الجماعية.

تداعيات الأمور بعد هذه الاستقالة بيّنت أنّ الرئيس الحريري “استقال وكأنّه لا يريد أن يستقيل”، وأسقط بالمباشر وغير المباشر كلّ الأسماء المطروحة لخلافته في السراي الكبير من الوزير محمد الصفدي، إلى رجل المقاولات سمير الخطيب، ثمّ استُقدِم مصطفى أديب، فكُبّل بالشروط والخطوط الحُمر، وحُصرِت اتّصالاته ببيت الوسط، حتى أيقن الرجل أن لا حظوظ لحكومته، فاعتذر سريعاً، وغادر في اليوم نفسه بيروت إلى حيث كان سفيراً في برلين. خرج الرئيس سعد الحريري مجدّداً في لقاء مع مارسيل غانم في تشرين الأول 2020 ليقول: “أنا المرشّح الطبيعي لرئاسة الحكومة، ولن أُقفل الباب على الأمل الوحيد”. كُلِّف بعد ذلك برئاسة الحكومة، ودائماً من دون ساعته، وهذه المرّة بتوقيت الثنائي الشيعي، أي بتوقيت عين التينة وحارة حريك، من دون أيّ جدل في ذلك على الرغم من نكران الكثيرين.
.. أحد أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين في مجلس خاصّ يقول: “الرئيس سعد الحريري لا يستمع لأحد منّا في ما يتعلّق بالمشكلة الحكومية. اعتذاره أو قرار استمراره بالتكليف ليس عندنا، بل عند الرئيس نبيه بري. والرئيس الحريري يسير هذه الأيام وفق توقيت عين التينة، ولا توقيت آخر محلّياً أو خارجيّاً”.

 
ويسترسل بالكلام فيقول: “الرئيس الحريري لا يثق اليوم إلا بالثنائي الشيعي. لديه القناعة الكاملة أنّ هذا الثنائي سنده في تشكيل الحكومة وفي البقاء في السراي وفي الانتخابات النيابية لاحقاً، لا بل يرى أنّ هذا الثنائي هو من يحدّد مصيره السياسي بعدما تخلّى عنه الجميع”.

الاعتذار عن تشكيل الحكومة هو مسألة وقت، كما تقول مرجعية نيابية مطّلعة. فقد يكون بعد أشهر، وتحديداً على أبواب شهر أيلول في فصل الخريف، لسبب داخلي يتمثّل في كون المسافة التي تفصل عن الانتخابات النيابية تصبح قصيرة، ولا حاجة وقتئذٍ إلّا إلى حكومة تدير الانتخابات وتُشرف على الصناديق، وآخر خارجيّ يتمثّل في أنّ اجتماعات فيينا لا بدّ أن تكون قد أنتجت اتّفاقاً يسمح لحزب الله أن يحدّد أين الطريق؟
وهو ما تؤكّده مرجعية أمنيّة بطريقة مختلفة حيث تقول: “إنّ الأزمة الحكومية ليست أزمة جبران باسيل، والكلّ يعلم أنّه في سياق السياسة انتهى. وهي ليست أزمة حزب الله، وهو “المشردق” بحاله والمهتمّ بما يحصل في الداخل الإيراني من تنافر وتناحر داخل الحرس الثوري نفسه بعدما بات إبراهيم رئيسي رئيساً، وأُسقط كلّ أعضاء النادي في الحرس، ولم يُحفَظ لأيّ منهم أيّ جميل. إنّما الأزمة، كما ترى تلك المرجعية الأمنيّة، هي أزمة مجموعة من المأزومين تبدأ بالرئيس الحريري، وتنتهي بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وما بينهما من أسماء كبيرة هي خط الدفاع الأخير عن النظام الحالي وعن كامل المنظومة بكلّ التفاصيل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com