مرحلة الاشتباك بين الناس والشركات الخاصة انطلقت… والدولة “تتفرج”
المصدر: لبنان 24
كتب جو لحود:
لم يوفق اللبناني يوما في تحديد سبب مشاكله ومواجهة الجهة المسؤولة عنها، ففي التاريخ القديم والحديث لطالما وبصورة او بأخرى تماهت مجموعة كبيرة من اللبنانيين مع جلادها، فكان المستعمر والمحتل والوصي اصدقاء واحبابا لفترات طويلة ما زالت مفاعيلها مستمرة حتى اليوم.
وبعيدا عن تفاصيل هذه المشهدية وعن علاقة المواطن بالدول التي مرّت باشكال مختلفة على الاراضي اللبنانية، يبدو من الواضح ان اللبناني استنسخ طبيعة علاقته بهذه الدول وحوّلها الى نموذج يتعاطى من خلاله مع دولته التي هو جزء لا يتجزأ منها.
وفي علاقة اللبناني مع دولته يبدو جليا انه غير قادر على تحميلها مباشرة مسؤولية المسار الانحداري السريع الذي نعيشه بوتيرة مختلفة يوما بعد يوم، وعدم قدرته هذه تعود الى عدة اسباب لن نغوص في شرحها او محاولة الاضاءة عليها.
فما يهمنا فعلا اليوم هو النتيجة المتمثلة في كيفية تعاطي المواطن مع مختلف الازمات الحالية لاسيما الاقتصادية منها.
وهنا وفي صورة شاملة نرى سياقا واضحا من العلاقة المضطربة التي تجمع المواطن بصفته مستهلكا مع الشركات المنتجة والموزعة والبائعة لمختلف السلع والخدمات، ولربما تكون هذه العلاقة المضطربة نتيجة طبيعية لسياسات تهميش الفعل والفاعل التي ينتهجها الممسكون بزمام الامور في السلطة، دون غض النظر طبعا عن الجشع الذي اظهرته نسبة لا بأس بها من التجار لاسيما في قطاعات المواد الغذائية والادوية والمحروقات.
ولا بد من العودة الى مشاهد الاشكالات المتنقلة في مختلف السوبرماركات اللبنانية بسبب التسابق على شراء الزيت والمواد المدعومة وغيرها من السلع التي تحوّلت الى “اعاشة” توزعها الجمعيات والاحزاب على المواطن فتلعب من خلالها دور المنقذ لمواطن لا حول ولا قوة له.
كما انه من الطبيعي ان تظهر أمامنا ايضا مشهدية محطات المحروقات التي لا يكاد يمر يوم واحد دون تسجيل عشرات الاشتباكات في مرماها، وقد يكون الاشكال الابرز هو الذي أودى بحياة شاب عكاري في ربيع العمر.
ومن مظاهر الاشتباك بين الناس المتألمة والشركات الخاصة بدت في الايام الاخيرة مظاهر توقيف الصهاريج الناقلة لمادتي البنزين والمازوت واضحة في أكثر من منطقة لبنانية.
واخيرا وليس أخرا، ظهر الغضب بوضوح عارم الى العلن امس، بعد انتشار خبر اعتراض بعض المواطنين لشاحنة محملة بمادة الحليب المخصص للأطفال والعمل على توزيع موجوداتها على المارة.
ولربما ستزداد الوتيرة في الايام المقبلة، فيوضع المواطن بمواجهة المواطن في ظل غياب تام للدولة التي تبدو عاجزة عن حلّ المشكلات ونتائجها كما عن التدخل لايقاف مشاهد التفلت التي ندعو الا تتفاقم وتزداد مع ازدياد العوز والجوع في صفوف ابناء هذا الوطن.