التهريب “يقتحم” الحكومة: مَنْ يقصد باسيل باتّهاماته؟
ملاك عقيل -اساس ميديا
يتبدّى هذا التواطؤ الخبيث في كلّ ما تفعله السلطة: من المُماطلة المنظّمة بإقرار الكابيتال كونترول وتسليم أمرها لتعاميم الحاكم بأمر اللبنانيين، إلى إقرار بطاقة تمويليّة مجهولة المصير في ظلّ عجز فاضح عن لجم ارتكابات “مُجرمي السِلم” الذين يتلاعبون بالأمن الغذائي والمعيشي والدوائي والاستشفائي للّبنانيين… وعلى رأس السطح، وبوقاحة موصوفة، مناورات سياسية في إدارة أزمة تأليف الحكومة عبر التسلّي برمي معطيات مفخّخة في الإعلام، وإعطاء التشكيلات الوزارية أشكالاً “هندسية” بتقسيم الحصص، أو تسريب “أجواء” للتضليل و”التمريك” و”الزرك” في الزاوية.
آخر المناورات تبدّت من خلال ترويج التيار الوطني الحرّ لتقدّم في الطروحات الحكومية بفعل “أفكارٍ” جديدة طَرحها جبران باسيل بعد استجابة السيّد حسن نصرالله لمسعاه بالتدخّل، وفي الوقت نفسه تسريب خبر العودة الوشيكة للحريري (تبيّن عدم صحته في الأيام الماضية) ليعيد تقديم تشكيلة وزارية لرئيس الجمهورية، وعلى أساسها يعتذر أو يؤلِّف. لكنّ كلّ هذا السيناريو ينتظر عودة “الشيخ سعد”. أمّا من جهة بيت الوسط فهناك تكبيرٌ لحجر “المسعى الخارجي” للرئيس المكلّف ولقائه بعض المسؤولين مع إيحاء مستمرّ بأنّ الاعتذار هو بنسبة 50/50، “وبما يخدم مصلحة تشكيل الحكومة”. على الرغم من أنّ نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش قال أمس إنّ البحث بدأ في “ما بعد الاعتذار”.
وفيما بدا لافتاً عدم حصول أيّ تقدّم في موضوع تأليف الحكومة بعد خطاب “الوسيط” نصرالله وإقراره بـ”قبولنا الدعوة”
التي طلب فيها باسيل توسّط نصرالله، كشفت أوساط قريبة من عين التينة أنّ “حزب الله
لا يزال يسعى إلى تضييق رقعة الخلاف، لكن لا إيجابيّات حتّى الآن لأنّ الحزب أصلاً ليست لديه عصا سحرية،
وقد قدّم طوال الأسابيع الماضية جهداً خاصّاً، بينما سعى باسيل إلى حشره لا أكثر ليأخذ طرفاً بينه وبين الحريري، واستطراداً الرئيس نبيه بري”.
وفي حين تسري معلومات عن مراوحة مستمرّة على خطّ إيجاد حلّ لمعضلة الوزيرين المسيحيّيْن،
وإعطاء نواب تكتّل لبنان القوي الثقة، دخل على خطّ تأليف الحكومة عامل توتّرٍ إضافي بفعل الاتّهامات
التي يوجّهها النائب باسيل مواربةً لـ “نوّابٍ وأجهزة أمنيّة” بالضلوع في التهريب على الحدود.
وقد فُتِح باب الأسئلة عن مقصد باسيل من كلامه، فهل تتضمّن اتّهاماته الجيش أو القوى الأمنيّة أو حزب الله؟
إلا أنّ حديثه عن “انخراط نواب” في التغطية على التهريب وسّع أكثر بيكار التوتّر والاستنتاج.
ويقول مطّلعون إنّ “الدائرة الضيّقة لباسيل تعمّم أخباراً عن نوّاب يغطّون مستوردي محروقات،
من خلال منع القوى الأمنيّة من الكشف على ما يخزّنه هؤلاء المستوردون من مئات آلاف
ليترات البنزين لبيعها بسعر أعلى بعد رفع التسعيرة على أساس 3900، أو لتهريبها إلى سوريا.
ويحصل ذلك بتدخّل مرجعية أمنيّة تقول: “فلان خطّ أحمر وفلان خطّ أحمر”.
لكنّ جهات معنيّة تقول إنّ “أكثر من جهة نيابية تقع في دائرة الاتّهام، بنظر باسيل،
لكون التهريب يصعب جدّاً أن يحصل من دون تغطية سياسية، ولا يميّز باسيل بين حلفاء وخصوم،
ولا بين جهتيْ الحدود الشمالية والشرقية. وهو واقع يؤثّر بشكل مباشر على المسار السياسي،
وتحديداً لجهة تأليف الحكومة، إذ يتّهم البعض باسيل بالاستثمار السياسي والطائفي حتى في ليترات البنزين”،
مضيفةً أنّه “لو كان لدى باسيل معطيات موثوقة، فلماذا لا يكشفها أو يقدّم إخباراً، وإلا يكُن مشاركاً في التغطية على المرتكبين”.