هل تصل كرتونة البيض إلى الـ70 ألفاً؟!
المصدر: يا صور
لطالما كان “البيض” لحم الفقير. لكن الأزمات المتلاحقة لن تُبقي للفقير ما يأكله. وفي الوقت الذي دخل لبنان مرحلة رفع الدعم التدريجي عن القطاعات الواحد تلو الآخر، تعلو صرخة مربّي الدواجن الذين يُنتجون البيض، بعد تكبّدهم خسائر يومية، جرّاء إلزامهم بشراء أعلافهم بالعملة الصعبة.
بغياب الدّعم، ثمّة صرخةٌ أطلقها مربّو الدواجن رغبة في حماية القطاع وإنتاجه من دجاج اللحم والبيض.
فما هو الحلّ، وماذا يقول أبناء القطاع؟
يقول روجيه أبو فيصل،نقيب مربي الدواجن: “نحن كمربّي دواجن ومنتجي بيض في مرحلة ما بعد رفع الدعم حالياً، وتكبّدنا ونتكبّد خسائر كبيرة في المزارع”.
ويُضيف: “أصبح طنّ العلف يكلّف مربّي الدواجن نحو 400 دولار. ولدى مصرف لبنان معاملات لاستيراد العلف المدعوم منذ 4 أشهر ولم يمضها. وحالياً، تكلفة صندوق البيض في المزرعة 30 دولاراً، لكنّهم يوصلونه إلى التاجر بـ24 دولاراً، ويخسرون يومياً بكلّ صندوق بيض ما بين 6 و8 دولارات. فإذا كان لدى المزارع 50 صندوقاً من البيض، يخسر في اليوم 300 دولار”.
إزاء هذا الواقع، اجتمع وفد من نقابة مربّي الدواجن ومنتجي البيض بوزير الزراعة للبحث في إمكانية تصدير إنتاج البيض، وفق تأكيد النقيب أبو فيصل: “نريد التصدير، لكن طبعاً دون إحداث نقص في السوق المحليّة ودون التسبّب برفع سعر البيض محلياً إلى مستويات باهظة. نريد الحفاظ على قطاعنا وأن نرتاح كمزارعين، وأن نُريح المستهلك، الذي لا نرفض أن أن نستقوي عليه. نحن نشعر بالناس وبمعاناتهم في هذه الأزمة، لكن إذا انهار هذا القطاع فستُصبح كرتونة البيض بـ60 أو 70 ألف ليرة، وعندها سيضطرّ لبنان إلى استيراد البيض من الخارج ليبقى وضع المزارع مرتاحاً”.
في السياق نفسه، يفيد خليل حرقوص، صاحب مؤسسة “مزارع حرقوص للدواجن” بأنّه قبل أن يتوقّف مصرف لبنان عن دعم الأعلاف، ومنذ أن دعم الأعلاف بسعر 3900 ليرة، لم يبع أحد في القطاع البيض بالسعر المدعوم باستثناء مؤسسة واحدة في لبنان كانت تستورد الأعلاف ويفتح لها المركزيّ الاعتمادات لحسابها الخاصّ. لذلك، كانت هذه المؤسسة هي الوحيدة التي تُسلّم البيض المدعوم في السوق. أمّا خلال كلّ فترة الدعم، فكان المزارعون يشترون العلف المدعوم، لكن يبيعون البيض بالدولار الـfresh للتجّار. لذلك، مع وقف الدعم، لم يتغيّر الكثير في الأمر، لكن صرخة المزارعين علت أكثر، ولم يعد لديهم علف مدعوم.
ويوضح حرقوص: “يتراوح سعر كرتونة البيض اليوم ما بين 35 و40 ألف ليرة. وفي بعض الأماكن تصل إلى 45 ألف ليرة. هذا السعر يُعدّ عادياً جداً بل أقلّ من العادي. وإذا ما ازداد الطلب على البيض، فسيرتفع سعر الكرتونة بالتأكيد، وقد يصل سعرها إلى 50 أو 60 أو 70 ألف ليرة. لكننا الآن في شهر تموز، وعادة يخفّ الطلب على هذه السلعة في هذا الشهر”.
ويتابع:
“أصبح المزارع اليوم يشتري أعلافه
بالدولار الـfresh من تجّار الأعلاف، ما أدّى إلى تراجع وضعه. وبالرّغم من أنّ مصرف لبنان توقّف عن دعم الأعلاف،
كان هناك مخزون من الأعلاف المدعومة لدى التجّار. وحتى الآن،
قسم كبير من التجّار يخزّنون في مستودعاتهم أعلافاً مدعومة، ويبيعون كمّية من العلف المدعوم للمزارع، شرط شرائه ضعف الكمية بالدولار الـfresh”.
في الوقت الراهن، يخسر المزارع بسبب سعر الدولار، وسيخسر أكثر بعدُ لولا التهريب إلى سوريا؛
فكلّ 12 كرتونة من البيض في سوريا أغلى من سعرها في لبنان بـ 10 دولارات، ويتمّ تهريبه من
سوريا إلى العراق لأنّه باهظ الثمن في العراق.
لذلك، فإنّ مربّي الدواجن، وابتداءً من المرحلة الراهنة، سيبدأ بتكبّد الخسائر.
ففي المرحلة السابقة كان لا يسجّل أرباحاً ولا يخسر، لأنّه يدفع ثمن أعلافة وفق تسعيرة 3900 ليرة،
ويبيع الإنتاج بالدولار. وكان فرق الدولار يسمح للمُزارع بتسجيل بعض الأرباح. لكن المزارع، بعد وقف الدعم،
بات عليه أن يخلّص نفسه بنفسه. فإذا ما بدأ بالخسارة،
فلن يستمرّ ب#تربية الدواجن، وإذا ما استمرّ وضع القطاع على هذا المنوال فلن يكون
هناك إنتاج من البيض، وسيتحوّل حينها لبنان من بلدٍ منتجٍ للبيض إلى بلدٍ مستوردٍ له. وعندها،
مع شحّ البيض، لن يكون هناك سقف لسعر الكرتونة.
هل هناك إمكانية للتصدير؟
من جهته، يشير وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس مرتضى، في حديث لـ “النهار”،
إلى أنّ “لبنان بحاجة إلى التصدير، وهي فرصة ذهبيّة. وفي الوقت الحالي، قرار التصدير قيد الدراسة،
ونتريّث في اتخاذه لضمان مصلحة المُزارع والمستهلِك، كما نتريّث باتخاذ بعض القرارات بانتظار
ما ستؤول إليه الأمور في البلد”.
ويرى مرتضى أنّ “هناك فعلاً صراعاً ما بين الحدّ من تكبّد المزارعين خسائر إضافية ما سيدفعهم
إلى إقفال مؤسساتهم، وبين المحافظة على سعر البيض على ما هو عليه محلياً. فالبيض، كما البطاطا،
هو لحم الفقراء، لذلك نسعى إلى اتخاذ قرار يوازن ما بين الأمرين. ومسألة التصدير هي على طاولة البحث،
ونحاول دراسة كيف يمكن تنفيذها دون التأثير على السوق المحلية”