العونيون: الحريري رضخ للشروط
“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
في مشهد مألوف لبنانياً، تبدو كل الأطراف السياسية غارقة في مستنقع التشكيل الذي حرّكته رياح مجهولة المصدر حتى الساعة، حيث دخل المعنيون مرحلة التقاط انفاسهم تحضيراً للمرحلة المقبلة وسيناريوهاتها القضائية، الحكومية، و”الشارعية”، فيما يعلق اللبنانيون في طوابير الذلّ، بحثاً عن ليتر بنزين، أو علبة دواء، أو حتى شمعة تنير ليلهم بعدما “انعدى” أصحاب المولدات من كهرباء لبنان، وباشروا تطبيق نظام تقنين “على حسابهم”. وليكتمل المشهد، اقتحمت جهنّمَ يومياتهم سلالة “كورونا” دلتا الهندية، متهدّدة الأمنَ الصحي من جديد، فيما القطاع الطبي شبه منهار.
إذن السلطة غائبة، والتراشق الإعلإمي على قدم وساق، أحدثه، التغريدة المعبّرة للنائب هادي حبيش “إذا ما بدكن تعملو شي أشرفلنا كلنا نفلّ” في ترجمة جديدة لمعادلة “عون ـ الحريري سوا جوا سوى برّا”، كل ذلك، بعد البهدلة الفرنسية في السراي، قبيل وصول وزير الخارجية القطرية إلى بيروت، محاولاً التوفيق بين اللبنانيين، فيما لم تسجّل أي حركة علنية بعد، مع اتجاه لرصد نتائج اجتماعات الشيخ سعد بنواب كتلته، وبرؤساء الحكومات السابقين، على أن يتوّج جولة مشاوراته بزيارة إلى عين التينة، التي تشهد كواليسها حركة اتصالات هاتفية نشطة وزيارة لموفدين بعيداً عن الإعلام، ليبلغها موقفه النهائي، لناحية الإعتذار وما بعده، بما في ذلك تسمية خلفه وتغطيته سياسياً، في حال إسقاط بعبدا لتركيبته الحكومية الجديدة التي راعت بعض مطالب رئاسة الجمهورية ، والتي اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي من روما أن فيها خرقاً للدستور، ما صبّ حكماً في مصلحة الرئيس المكلّف.
هذه الصورة الضبابية، يكسرها يقين “عوني” من أن الرئيس المكلّف قد أنجز تشكيلة من أربع وعشرين وزيراً تراعي مطالب رئيس الجمهورية، نتيجة الضغوط التي مورست داخلياً وخارجياً خلال الساعات الماضية، وفي مقدمتها نتائج مؤتمر الفاتيكان وحركة الكرسي الرسولي الديبلوماسية، ما دفع بالشيخ سعد إلى الإحتكام للدستور والأعراف، وعليه، فإن جنرال بعبدا سيوقّع التشكيلة، بعد مطابقتها للأصول.
تشكيلة، ترى مصادر بيت الوسط مسبقاً، أنها ستلقى مصير سابقاتها، ذلك أن صهر العهد غير مستعد للتراجع عن مطالبه التعجيزية، داعيةً العاملين على “دقّ إسفين” لشقّ صف نادي رؤوساء الحكومات السابقين، إلى أن “يخيّطوا بغير هذه المسلّة” عبر الترويج إلى أن بديل الشيخ سعد سيكون أحدهم . وأكدت المصادر، أن أياً منهم ليس في وارد القبول بأقلّ ما يطرحه الحريري من ضوابط للتشكيل، ولذلك، فإن أياً منهم لن يقبل بالتكليف أو التشكيل، ف”ذرّ الرماد بالعيون” وتشتيت الصف السنّي لن ينجح، بعد لقاء دار الفتوى الأخير.
في المقابل، يكشف العالمون بحواضر مطبخ الحارة، أن “حزب الله”،
ومع “تكليف” رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لأمينه العام السيد حسن نصرالله،
حلّ الإشكال الحكومي، أدرك استحالة المهمة، خصوصاً بعد اللقاء الأخير بين وفيق صفا وباسيل،
فكان القرار باعتماد خيار البحث عن شخصية جديدة تقبل التكليف، ذلك أن المتوافر من معلومات لدى الحزب،
يؤكد أن الخطة الأميركية تقوم على اعتذار الحريري وانفجار الشارع، مع استحالة تسمية أي شخصية سنّية لتشكيل الحكومة
حيث زاد موقف دار الفتوى الأخير الطين بلّة في هذا المجال.
من هنا، كانت المبادرة إلى إجراء محادثات على نطاق ضيق وتحضير لائحة بثلاث أسماء
يمكن السير بها وتقبل التكليف، دون إسقاط احتمال الإتفاق مع الرئيس الحريري على إسم مشترك
رغم صعوبة السير في هذا الخيار لاعتبارات عدة.
فهل هو كلام السيد فعل فعله، أم غضب الفاتيكان وتصعيد البطريرك؟
أم هي الرسائل الدولية عن انتهاء فترة السماح جدياً “وقد بلّش الجدّ”؟
أم أن كل ما يجري هو مجرّد مواقف شكلية رفعاً للعتب؟ أم هو دعايات التشكيل لحسم الإعتذار؟
الأيام المتبقية من الأسبوع كفيلة بالإجابة وإيضاح المسار والمصير. فسقوط تشكيلة الجمعة سيستتبعه
ارتطام الإثنين المحتّم. واليومان لناظرهما قريبان.
الوضع ببكّي وبضحّك… كلّن ما خصّن والحق أكيد مش عالطليان عالأميركان، بحسب مرجعية السيد حسن.
طين يزيده بلّة عبقرية “غراندايزر” السراي حيث “نقّه وبقّه”، حدّث ولا حرج، دون أن ينسى تذكيرنا بإنجازاته العظيمة،
صاحبة الفضل الأساس في الإنهيار السريع والمريع، ناطقاً بإسم سيده مهدّداً العالم…
إنه زمن شماتة الأعداء وفقاً للشاطر حسن، أفلا يكفي أن تعرض إسرائيل التبرّع للبنان عبر الأمم المتحدة…
إنه زمن الغرام والإنتقام بين الأعداء والحلفاء.