أكثر من مليار دولار دخلت إلى لبنان منذ آب 2020.. أين تبخّرت؟
المصدر: اخبار اليوم
كيف يُمكن لحَدَث من مستوى انفجار مرفأ بيروت، الذي أوقع خلال دقائق معدودة ضحايا وخسائر ماديّة توازي تقريباً تلك التي أسفرت عنها مواجهات الـ 11 يوماً الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلّحة في قطاع غزة، كيف يُمكن أن يُستكمَل العمل من بعده من خارج مسار أممي مُتكامِل ومدعوم من الدّول الكبرى كافّة، ومن داخل الأمم المتحدة؟
فهل ان تشكيل حكومة، بموجب مبادرة فرنسيّة لا تجد سبيلاً الى التطبيق حتى الساعة، ولا حتى بالتراضي، هو كافٍ لمعالجة أسباب ونتائج هذا الإنفجار، وحلّ الأزمة اللبنانية؟ ولماذا عَدَم التلويح الدولي، وبتشدُّد، بعقوبات على المسؤولين اللبنانيين، من جراء التأخير في العمل على الوصول الى الحقيقة المتعلّقة بأسباب انفجار 4 آب الفائت، وإنهاء الأزمة اللبنانية؟ ولماذا التأخير في وضع حدّ لعقود من الفساد؟
اعتبر مصدر واسع الإطّلاع أن “الدّمار والخسائر البشرية والمادية التي شهدها قطاع غزة تعود الى حرب، بينما تلك التي شهدتها بيروت العام الفائت كانت نتيجة انفجار. وبالتالي، لا ظروف فعليّة مُتشابهة تسمح بتعاطٍ دولي مع كارثة انفجار 4 آب الفائت، من خارج الإطار المحلّي، وكما لو كانت نتيجة حرب خارجيّة”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “تأخير العمل على النّهوض من الواقع اللبناني المنكوب، وعلى الوصول الى الحقيقة، يعود الى تقصير محلّي من قِبَل الدولة اللبنانية. ولا يُمكن للمجتمع الدولي أن يفعل أكثر ممّا فعله منذ العام الفائت، سواء على مستوى المبادرة الفرنسيّة، أو إرسال مساعدات دولية الى الشّعب اللبناني”.
وأوضح المصدر أنه “لو تمّ طلب مساعدة دولية في التحقيقات المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت، منذ العام الفائت، لكنّا اليوم في مرحلة مختلفة تماماً”. وأكد أنه “بالنّسبة الى المساعدات الإنسانية للشّعب اللبناني، كلّنا يعلم أنه منذ آب 2020، دخلت كميات منها الى لبنان بقيمة أكثر من مليار دولار. ولكن لا تخطيط محلياً يحدّد كيفيّة التعامُل معها، وتوزيعها كما يجب، لا على صعيد رسمي، ولا غير رسمي. وانطلاقاً من هذا الواقع، كان طبيعياً أن نصل الى زيادة في نسبة الفقر والجوع، والى انقطاع الأدوية”.
وسأل المصدر: “أين تقسيم العمل بالاعتماد على المَسْح الموجود للمناطق المنكوبة في بيروت، بعد انفجار 4 آب الفائت؟ وأين توزيع المساعدات الإنسانية التي قُدِّمَت الى اللبنانيين عموماً بعد الكارثة؟”. وأوضح: “نتذكّر أنه بعد انفجار 4 آب الفائت، قال رئيس الجمهورية ميشال عون إن الحصار فُكَّ عن لبنان. ولكن ماذا فعل المسؤولون تجاه هذا الأمر؟ وكيف تعاملوا معه؟ هُم تصرّفوا حيال ذلك بكلّ استخفاف مع الأسف”.
وشرح المصدر: “فُكَّ الحصار عن لبنان على مستويات عدّة، خلال الأسابيع الأولى التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت. ففي ذلك الوقت، حصدنا عاطفة دولية لا مثيل لها، فأصبح الملف اللبناني رقم 1، بما جعل الجميع ينسون ملف اليمن وقطاع غزة، بنسبة معيّنة، في ذلك الوقت. وحتى إن المساعدات الإنسانية، الغذائية والطبية والدوائية، تدفّقت الى لبنان بشكل هائل. أما النتيجة الداخلية فكانت، رفض التجاوُب مع فكّ الحصار الدولي، وغياب الحاضنة الداخلية المُناسِبَة للمساعدات التي دخلت الى لبنان، فانتهى بنا الحال في أزمة أكبر، وفي حصار يطال أساسيات اللبنانيين الدوائية والصحية”.
وشدّد المصدر على “أننا نعيش في ظلّ دولة فاشلة، حيث الفوضى تطغى على كل شيء. وحتى إن مساعي بعض السفراء الأجانب لاستجلاب مساعدات إنسانية للشعب اللبناني، يُقابلها استخفاف داخلي على كلّ المستويات، بدلاً من بَدْء توزيع المهام فوراً، وتحديد الحاجات، وتقديم اللوائح الطارئة في شأنها الى كلّ الذين يعملون على توفير مساعدات الى الشعب اللبناني، بما يؤمّن الإطار اللازم من الشفافيّة تجاه دول الخارج”.
وختم: “حتى إن السفراء الأجانب أنفسهم لا يجدون من يجيبهم بدقّة، عمّا يحتاجه الشّعب اللبناني. وبالتالي، لا يُمكننا أن نلوم إلا أنفسنا كلبنانيين، إذ إننا لا نُحسِن التعاطي مع أي ملف”.