ما هو السيناريو المتوقع في حال ادّعى المحقق العدلي على الحريري؟
المصدر: الكلمة اونلاين
أيام قليلة تفصلنا عن صدور الدفعة الثانية من الأسماء التي سيدّعي عليها المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بعد أن بعثر أوراق السلطة الحاكمة بإدّعاءه على كبار المسؤولين في الدولة اللبنانية، ما جعل مجلس النواب برمته متخبطًا بين شبح رفع الحصانات وغضب أهالي الضحايا الباحثين عن الحقيقة، كل الحقيقة.
منذ تسريب توقيت صدور الأسماء الجديدة قبل شهر واحد من الذكرى السنوية الأولى لكارثة الإنفجار، بدء الحديث في وسائل الإعلام عن نية البيطار الإدعاء على رؤوساء الحكومة السابقين، سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام، أي أعضاء نادي رؤساء الحكومة بإستثناء فؤاد السنيورة الذي لم يتولى منصب رئاسة مجلس الوزراء منذ وصول نيترات الأمونيوم إلى لبنان عام 2014.
صحيح أن ميقاتي والحريري وسلام كانوا في السراي الحكومي طوال فترة وجود النيترات في العنبر رقم 12، لكن الصحيح أيضًا أنه في حال أدّعى البيطار على الرؤساء الثلاثة في جريمة تفجير المرفأ فإن ردود الفعل قد تؤدي إلى إنفجار الوضع الأمني خصوصًا في المناطق ذات الطابع “السني” كطرابلس وبيروت والبقاع، ومن المتوقع أن تشهد البلاد تظاهرات شعبية تطالب بإسقاط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والإدعاء عليه بإعتبار أنه كان يعلم بوجود النيترات على غرار رؤساء الحكومة المذكورين.
إذا المعادلة واضحة، الإدعاء على رؤوساء الحكومة يجب أن يقابله الإدعاء على رئيس الجمهوريّة، وإلا فإن التحقيق في جريمة العصر سيتعطل ولن يصل إلى خواتيمه المرجوة، كما أن المُدّعى عليهم سيرفضون المثول أمام المحقق العدلي، لتبرز الحصانات الطائفية والمذهبية وتدفن قضية 207 شهيدًا وأكثر من 7000 جريحًا، وتبقى جريمة تدمير بيروت فعل من دون فاعل.
لا شك أن الأجواء السياسية المشحونة تؤثر على أي قرار قضائي يخص قضية تفجير مرفأ بيروت، لكن هناك جو واضح من قبل الجميع بعدم التصعيد الداخلي، حتى لو اعتذر الحريري عن تأليف الحكومة وتم الذهاب إلى إستشارات جديدة، لا سيما أن المجتمع الدولي يدرك مدى حساسية الوضع الذي وصلنا إليه من غليان وإحتقان شعبي، وبالتالي هناك إحتمال أن يدّعي القاضي البيطار على شخصيات سياسية أخرى ذو وزن سياسي مهم ومن مختلف الطوائف، مع ترجيح عدم الإدّعاء على الحريري.
أما إذا حصل الإدعاء على رئيس تيار المستقبل، فمن المؤكد أن الأخير سيرفض القرار شكلاً ومضمونًا ولن يمثل أمام البيطار، مصحوبًا بدعم مذهبي ونيابي وسياسي كبير، وقد تشهد الحياة السياسية مد وجزر بين الأحزاب والقوى على الساحة الداخلية لكن دون أن يرقى إلى إشتعال جبهات سياسية لأن الموضوع سيكون قضائيًا بحتًا، وحينها من الممكن أن تدخل التسويات على خط الخلافات، وتحل الأمور على الطريقة اللبنانية المعتادة.
الحريري الذي تعهد عند إدعاء المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان على الرئيس حسان دياب، بعدم السماح لأي شخص بالتعدي على “منصب رئيس الوزراء” لن يسمح بأن يكون “كبش محرقة” في تلك الجريمة، وبدء الحديث في كواليسه عن إطمئنانه لجهة عدم تورطه في التفجير المدمر، مع التلميح إلى ضرورة أن يتعاطى القضاء بعدالة مع جميع المعنيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية المعني الأول في الحفاظ على أمن اللبنانيين وسلامتهم، وهذا أن دلّ على شيء إنما يدل على خطورة الأيام القادمة، وضرورة الحذر من إشتعال الفتنة في حال شعر أحد الأطراف أنه مستهدف في أكبر جريمة شهدها لبنان منذ قيامه.