ماكرون يحصل على “جرعة جديدة” في لبنان بعد “الكفّ الأكبر”!؟
بقلم أنطون الفتى – أخبار اليوم
بعد تخلُّف لبنان عن تسديد ديونه الخارجية للمرة الأولى في تاريخه، في آذار عام 2020، طلب مساعدة “صندوق النّقد الدولي”، وراح يُفاوِض بتخبُّط مُخجِل، ساهم في “احمرار” العَيْن الدولية من حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة، انطلاقاً من عَدَم جديّتها في تطبيق الإصلاحات المطلوبة دولياً، والتي تضع حدّاً لكلّ ما هو غير شرعي في البلد، ولكلّ ما هو خارج عن الدولة اللبنانية.
ولولا أزمة جائحة “كوفيد – 19” التي عصفت بدول العالم، والتي جعلتها تنهمك بساحاتها الداخلية على حساب الملفات الخارجية، بنسبة كبيرة، بين شباط وحزيران 2020، لكانت حكومة دياب سقطت منذ نيسان 2020 ربما، تحت ضغط دولي كبير.
في أي حال، نعود الى فرنسا التي بدأ وزير خارجيّتها جان إيف لودريان بالتحذير من زوال لبنان، ومن أنه بات على حافة الهاوية، منذ سنة، أي في تموز 2020.
سنة مرّت، فماذا تغيّر؟ لا شيء، إلا التوغُّل في عوالم الموت، من قَطْع للأدوية وللكهرباء وللحياة… عن الناس. ورغم التلويح بالعقوبات الأوروبية قريباً، إلا أن الآمال تبقى ضعيفة في التمكُّن من إحراز خروق فعالة في جدار الأزمة اللبنانية، طالما أن أسباب الحصار على لبنان قويّة، وهي عَدَم حَصْر القرار السياسي والعسكري والأمني، بيد الدولة اللبنانية وحدها.
أوضح مصدر سياسي أن “أربعة أسباب أساسية وقفت خلف عَدَم قدرة المبادرة الفرنسية على النّجاح، أوّلها عَدَم قدرة فرنسا على التأثير السياسي في لبنان، انطلاقاً من أن حوارها مع “حزب الله” يستفيد منه الأخير، ويضرّ بها هي”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “السبب الثاني، هو أن باريس تتعاطى مع طبقة سياسية لبنانية تقاتل دفاعاً عن وجودها. ورغم كل الإختلافات بين أفرقاء أطيافها، إلا أنهم يلتقون على التكتُّل للدفاع عن بقائهم. وهم واجهوا المشروع الفرنسي لأنه يتضمن الإصلاحات، وإبعادهم عن الحكومة، وهو ما رأوا فيه بداية لنهايتهم السياسية”.
وأشار المصدر الى أن “السبب الثالث، هو نَقْص الغطاء الدولي الفعّال للعمل الفرنسي في لبنان. فالولايات المتحدة الأميركية أيّدت فرنسا العام الفائت، من باب اللّياقة. أما روسيا الموجودة في سوريا، فهي لم تسهّل مهمّة باريس”.
وأضاف:”السبب الرابع، هو أن المبادرة الفرنسية تفتقد الى تعاون
عربي مع فرنسا في شأنها، لا سيّما من جانب دول الخليج، والسعودية على رأسها. هذا الوضع جعل باريس تكتفي بمصر،
التي اختلفت مع الفرنسيّين أيضاً على مسألة العلاقة مع “حزب الله”.
فالقاهرة اعتبرت أن فرنسا تتنازل وتعدّل في مبادرتها من دون وجه حقّ، من خلال انفتاحها على “الحزب”.
وشدّد المصدر على أنه “رغم أن المبادرة الفرنسية تدور في مكانها،
إلا أنه لا يجب أن نكون جاحدين وناكري الجميل لفرنسا، انطلاقاً من أنها الدولة الوحيدة التي تحرّكت للوقوف
الى جانب لبنان، بعد انفجار مرفأ بيروت، الى درجة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قام بزيارتَيْن
للبنان خلال شهر واحد، لمساعدته على الخروج من الأزمة. وهذا ما لم يحصل تاريخياً”.
وذكّر بأن “فرنسا هي التي نظّمت مؤتمرات لمساعدة لبنان،
مالياً واقتصادياً وإنسانياً وصحياً، واستنفرت المجتمع الدولي، وحاولت أن تستنفر المجتمع العربي. ولا يجوز التنكُّر لكلّ تلك الأمور.
ولكن المشكلة تكمُن بأن الإدارة الفرنسية تتعاطى مع القضايا
الوطنية من منظار تكنوقراطي، تنقصه النظرة التاريخية للعلاقات الفرنسية مع الشعوب والأمم”.
وكشف المصدر أن “فرنسا تأخذ جرعة جديدة في تحرّكها حالياً، بعد تحرّك الفاتيكان في الملف اللبناني،
كما بعد استلام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن زمام الأمور في “البيت الأبيض”.
وأكد أن “فرنسا تعوّل على دور الولايات المتحدة في الضّغط على السعودية،
لتوقف تباعُدها عن لبنان. ومؤشّرات ذلك بدأت تظهر من خلال حركة السفير السعودي وليد البخاري مؤخّراً،
سواء مع السفيرتَيْن الأميركية (دوروثي شيا) والفرنسية (آن غريو)، أو حركته في بكركي،
والزيارات والنّشاطات التي يقوم بها في لبنان مؤخّراً. فضلاً عن زيارة شيا وغريو السعودية”.
وختم:”هذه كلّها مؤشّرات على بَدْء تحرّك سعودي في الملف اللبناني.
ولكن ليس معلوماً حتى الساعة إذا ما كان سيتوقّف عند حدود الأُطُر الإنسانية فقط،
أو إذا ما كان سيتعدّاها الى الملفات السياسية والإقتصادية أيضاً”.