اخبار محلية

مسؤول فرنسي رفيع: مسؤولية التعطيل الاساسية هي على عون وصهره..

المصدر: النهار

إذا كان السقف “التاريخي” الجديد الذي خرقه سعر الدولار في الأسواق قافزاً فوق الـ 22 الف ليرة، والموجة العارمة لقطع الطرق في العاصمة ومعظم المناطق من العصر الى ساعات الليل واشتعال الشارع واندلاع مواجهات في بعض احياء بيروت بين المتظاهرين سخطاً لاعتذار الرئيس سعد الحريري والقوى الأمنية، والتخوف من تفاقم قياسي في أزمات الكهرباء والمحروقات والدواء بدءاً من اليوم، تشكل فقط العينات الأولية لردود الفعل المتفجرة على إعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة، فإن السؤال الأكبر الذي يوجه الى العهد هو بماذا تراه يعد اللبنانيين اليوم بعدما أنجز أسوأ “انتصاراته” قاطبة في حمل الحريري على الإعتذار ودفع لبنان الى نهاية مراحل الجحيم الموعود على لسان سيد العهد يوماً ؟

الواقع ان أخطر وأسوأ ما يمكن ان يكون واكب تفجير العهد للمحاولة الانقاذية الأخيرة لـ”حكومة المهمة” ودفع الحريري الى الاعتذار، هو أن يعتقد العهد أنه حقق إنتصاراً سياسياً فيما ركام الأزمات يتصاعد منذراً بأن يودي بلبنان الى ما لم يعرفه بلد يقاسي الانهيارات المماثلة. ما حصل لم يكن سوى تتويج لمسار تعطيل العهد لتشكيل الحكومة والتمترس وراء الذرائع المفتعلة منذ تسعة اشهر، لأن سيد العهد وتياره تعهدا عدم الإستسلام لتشكيل الحريري الحكومة تماماً كما عطّلت سدّة رئاسة الجمهورية سنتين ونصف السنة بدعم من “حزب الله” الى أن فرض إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً. وربما هي نسخة منقّحة أيضاً عن الحروب الخاسرة التي حصلت خلال ولاية الحكومة العسكرية برئاسة العماد عون بين 1989 و 1990.

ولكن هذه المرة وتحت سيطرة العهد وحليفه ذهب الرئيس ميشال عون الى ذروة المغامرة والخطورة لأن لبنان

إبّان عهده إنهار ولم يبق قادراً على الصمود اطلاقاً، وليس من المغالاة في شيء التخوف ان يكون لبنان إنزلق من البارحة الى المجهول الأخطر اطلاقاً منذ بدء أزمات انهياراته بدءاً بأزمة حكم هذه المرة تترجم باستعصاء في تكليف وتأليف أين منهما أزمة التكليف المنتهية مع اعتذار الحريري.

ثم ان الرئيس عون الذي استمر يلتقى مراجعات الدول وتحذيراتها من مغبة المضي في التعطيل حتى ما قبل دقائق

من لقائه العشرين مع الرئيس الحريري تلقّى على اثر صدمة إعتذار الحريري أول ضربة قاسية من فرنسا نفسها، اذ أفادت مراسلة “النهار”

في باريس رندة تقي الدين ان مسؤولاً فرنسياً رفيعاً أعرب لـ”النهار”

عن أسف باريس الشديد لاستمرار التعطيل وقال بوضوح “ان مسؤولية التعطيل الاساسية هي على ميشال عون وصهره جبران باسيل”.

وأضاف “ان باريس تطالب المسؤولين بيقظة من أجل تنفيذ إصلاحات طارئة

كي تكسب ثقة الاسرة الدولية وللتحضير للانتخابات التشريعية “.

التطورات الدراماتيكية التي أنهت مسيرة مضنية منذ تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة

قبل تسعة اشهر تمثلت في خروج الحريري من زيارته “الأخيرة” كرئيس مكلف من مكتب رئيس الجمهورية ليعلن اعتذاره قائلا :

“كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، اعتبرها أنا جوهرية في التشكيلة.

تناقشنا بالأمور التي تتعلق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك.

الواضح أن الموقف لم يتغير في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس.

وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة،

فقال لي أننا لن نتمكن من التوافق. ولذلك، قدمت اعتذاري عن عدم تشكيل الحكومة، و”الله يعين البلد”.

وفي روايتها المضادة بعد أكثر من ساعتين من مغادرة الحريري،

قالت رئاسة الجمهورية ان عون “عرض على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالباً البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة

إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري.

إلا ان الرئيس الحريري لم يكن مستعداً للبحث في اي تعديل من أي نوع مقترحاً على الرئيس عون

أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة

من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلناً اعتذاره”.

واعتبرت ان الرئيس الحريري “رفض أي تعديل يتعلق بأي تبديل بالوزارات وبالتوزيع الطائفي لها وبالاسماء المرتبطة بها،

أو الاخذ بأي رأي للكتل النيابية لكي تحصل الحكومة على الثقة اللازمة من المجلس النيابي،

وأصر على اختياره هو لأسماء الوزراء مما يدلّ على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته”.

وختمت بأنه “وبعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت”.

وتناول الحريري في حديثه إلى قناة “الجديد” مساء الوقائع التي أدت الى اعتذاره

فاكد انه اعتذر عن عدم تشكيل حكومة ميشال عون وقال “لقد تمنيت على الرئيس ميشال عون دراسة التشكيلة في 24 ساعة،

ولم افرض شروطي”. وأضاف: “رشحت نفسي لحل مشكلة البلد بحسب المبادرة الفرنسية.

واليوم، اعتذرت عن حكومة الرئيس ميشال عون. كنت سائراً بورقة الرئيس نبيه بري،

لكن الرئيس عون يريد كل شيء. لقد سألت الرئيس عون اليوم عن موضوع اعطاء الثقة وتسمية المسيحيين

فأجابني الاجابة نفسها بأن كتلة التيار الوطني قد تعطيني ربع ثقة”.

وسأل: “بأي منطق يطلبون الثلث المعطل، طالما لم يسموني ولا يريدون اعطائي الثقة؟”.

وقال: “كنت اريد ان أقدم اعتذاري منذ مدة طويلة، لولا تمني الجميع، وبخاصة الفرنسيين. اليوم،

اكتشفت خلال زيارتي ان الحديث السابق نفسه ما زلنا نتحاور فيه ولم يتغير شيء.

لقد ابلغت الرئيس عون انني لا اقفل الباب امام تغيير بعض الاسماء،

لكنني اكتشفت اننا نضيع الوقت. عندما ابلغت الرئيس عون انني سأزوره غداً في الرابعة، اجابني ألا ضرورة لذلك”.

أضاف: “عندما استقلت في عام 2019 كان على اساس انني اريد حكومة اختصاصيين.

اما ان أترأس حكومة ميشال عون فلن أستطيع من خلالها ادارة البلد”. ولفت الى ان حاول طوال ثمانية اشهر التشكيل

ولكن عون لا يريد الا تشكيل حكومة ميشال عون، وأشار إلى أن

“ثمة فريقاً قرر تعذيب البلد وأخذه الى جهنم ولا يريد التعاون مع سعد الحريري”،

متسائلا: “هل مهمّتي ان أصعد فقط الى بعبدا لاتفاوض من دون تشكيل حكومة؟”، وقال:

“الحل الوحيد ان تتشكل الحكومة بغضّ النظر عن إسم رئيسها، شرط العمل على تحقيق برنامج النقد الدولي واجراء الانتخابات،

وهذا ما كنت سأعمل انا عليه”.

وأكد ان موقفه سيكون عدم تسمية احد لرئاسة الحكومة ولن نعرقل، مؤكداً انه رفض ان يصبح جزءاً من الفراغ الذي يريده

عون في عهده. وردّ متهكماً على تصريح لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي اتهمه وعون بإجهاض

المبادرة الفرنسية فقال “اشكر جنبلاط ما دام بدأ هكذا باعتباري جزءاً من اجهاض المبادرة الفرنسية “.

وتوجه بالشكر للرئيس نبيه بري على كل مواقفه فيما اكد ان “حزب الله” لم يقم بالجهد الكافي لتشكيل الحكومة .

وكان جنبلاط قال في مقابلة عبر محطة “ام تي في” تزامنت مع مقابلة الحريري “

منذ سنة ونصف سنة وأنا أنصح الرئيس المعتذر سعد الحريري بتكليف أحد آخر لأنني أعلم أن رئيس الجمهورية

ميشال عون لا يريده ولا يجوز رهن البلد بمزاج شخص من هنا أو هناك ولكن لم يعد هناك من نصيحة تنفع”.

وأضاف ” قال البطريرك الراعي مرة لغازي العريضي إن عون لا يريد الحريري فهناك تناقض بين مشروعين فهل نضحي البلد؟”.

وأكد أنه ” لا يجوز ترك البلد لهذا الانهيار في كل المجالات فليتفضلوا بمشاركة اللبناني

العادي في همومه من الدولار الى الدواء والبنزين وغيرها والحريري وعون أجهضا المبادرة الفرنسية”.

وأضاف أن “الوضع على الأرض لا يتحمّل مزاجية هذا أو ذاك وخلافاً لكل الذي يزايدون عليّ وينتقدونني

فأنا أدعو الى التسوية ولكن لا أحد يريد أن يضحي بأنانيته من أجل التسوية”.

اما على الصعيد الخارجي فأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بعد لقائه ووزير الخارجية الأميركي

أنطوني بلينكن انه “في ما يتعلّق بلبنان، اتفقت مع وزير الخارجية الأميركي على مواصلة تنسيق أنشطتنا على نحو وثيق،

من أجل التوصّل إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية والإنسانية

التي تعانيها البلاد. وإننا نعمل على اتخاذ تدابير فرنسية وأميركية لممارسة الضغوط على المسؤولين عن التعطيل في لبنان،

إضافةً إلى القرارات التي اتخذها مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في 12 تموز الجاري.

وإننا نسعى معاً إلى حشد جهود شركائنا الإقليميين دعمًا لهذه المساعي، وذلك بعد الزيارة المشتركة التي أجرتها السفيرتان

الفرنسية والأمريكية إلى الرياض في 8 تموز”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى