ماذا يعني إدراج لبنان تحت قانون حالة الطوارئ الاميركي؟
المصدر: أخبار اليوم
في إعلان غير منفصل عن واقع التدهور الحاصل في لبنان، قال البيت الأبيض، في بيان الثلاثاء الفائت، “الرئيس جو بايدن قرّر تمديد حالة الطوارئ الوطنيّة في ما يتعلّق بلبنان بسبب استمرار الأنشطة المهدّدة للأمن القومي الأميركي”.
أوضح مصدر دبلوماسي أنّ هذا القرار أُعلِن للمرّة الأولى في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن سنة 2007، وشرح عبر وكالة “أخبار اليوم”، أنّ هذا القرار يمنح الرئيس الأميركي صلاحيّات استثنائيّة للتعامل مع لبنان في الأزمات الطّارئة، أي أنّه باستطاعته اتّخاذ قرارات غير اعتياديّة، ولكن عليه إبلاغ الكونغرس الأميركي بمستجدّات الأزمة التي استدعت حالة الطوارئ الوطنيّة.
وكان بيان البيت الأبيض قد أوضح أن “قرار التمديد جاء نتيجة لاستمرار بعض الأنشطة مثل استمرار نقل إيران أسلحة لحزب الله، والتي تتضمن بشكل متصاعد أسلحة متطوّرة، وأشار إلى أن ذلك يؤدّي إلى تقويض السّيادة اللّبنانية ويسهم في عدم الاستقرار في المنطقة على المستويين السياسي والاقتصادي.”
وهنا لفت المصدر عينه إلى ضرورة العودة إلى كيفية بدء السّياسة الأميركيّة في لبنان والعالم، قائلًا: “بدأت هذه السّياسة في لبنان بضغط من البابا فرنسيس الذي طلب تدخّل بايدن لمساعدة لبنان، فأجابه الأخير بأنّ أولويّاته ضمن السّتة أشهر الأولى هي للداخل الأميركي خصوصًا في ظلّ جائحة كورونا، وبعد نجاح الولايات المتّحدة بشكل كبير في مكافحة هذه الجائحة بدأ الضّغط البابوي يعطي مفعوله، وعلى أساسه عُقِد اجتماع أميركي- فرنسي- سعودي”،
(حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن -في 29 حزيران الفائت- أنه أجرى محادثات مهمة
مع نظيريه الفرنسي جان إيف لودريان والسعودي فيصل بن فرحان تمّ خلالها التأكيد على ضرورة أن يتحلى القادة السياسيون اللبنانيون
بالمسؤولية من خلال تطبيق إصلاحات طال انتظارها وتفضي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيف معاناة الشعب اللبناني).
أضاف: “بعد ما استطاع الأميركيون التّأثير على التوازنات بشكل غير مباشر، بدأوا بالتدخّل،
ومن هذه التّأثيرات أنّ رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس تكتّل “لبنان القوي” جبران باسيل أبديا موافقتهما
على نواف سلام كرئيس مكلف لتشكيل الحكومة، إرضاءً لأميركا ولكن السؤال الذي يُطرح هل سيوافق حزب الله عليه”؟
وفصّل المصدر مراحل تدخّل أميركا بلبنان، مشيرًا إلى أنّه في السابق كان أشبه بـ”التخلّي”،
“فلبنان والمنطقة والشرق الأوسط كلّه لا يعنيها، في حين كان الجهد المبذول منصبًّا على الصين”.
أمّا اليوم، ولضرورات استراتيجيّة أساسيّة، تتعلّق بالأمن القومي الأميركي،
إضافة الى تدخّل البابا، لم يعد باستطاعة واشنطن الاستمرار بسياسة التخلّي فتحوّلت إلى متدخّل “خفيف”، مكلّفة فرنسا عبر المحادثات الرّسميّة بين
بلينكن ولودريان لمحاولة مساعدة لبنان. هذه المساعدة تتبلور من خلال تشكيل حكومة،
فالتدخّل الدولي يبقى في الفراغ ما لم تشكّل حكومة ويصبح بمقدور الدول أن تحاور “دولة لبنان”.
وعن الإجراءات الممكن اتّخاذها من قبل أميركا،
أكّد المصدر أنّها مرتبطة بالمفاوضات النّوويّة، التي ما زالت حتى الساعة تسير بشكل غير واضح،
فإيران ممكن أن تنفّذ بعض ما تريده أميركا في الإتفاق النّووي،
ولكن يوجد شكّ بالمماطلة وعدم تنفيذ ما يتعلّق بالصواريخ البالستيّة وهيمنتها على البلدان العربيّة (العراق- سوريا- لبنان- اليمن)
فرغم الحصار المفروض عليها اقتصاديًّا، إلّا أنّها قادرة على التحمّل.
واعتبر المصدر أنّه في حال لم تمشِ إيران مع أميركا كما يجب، تلجأ الأخيرة إلى الضّغط على “حزب الله”
من خلال التدخّل “الكبير” في لبنان.
من جهة أخرى، وتعليقًا على ما نشر في صحيفة “لو فيغارو” الفرنسيّة للكاتب رينو جيرار، تحت عنوان:
“التمرين الصعب لفرنسا في لبنان”، أكّد المصدر أنّه دعم أوروبي لطلب بايدن، موضّحًا أن
قسمًا كبيرًا من الصحافة الفرنسية مرتبط بالمخابرات، ومثل هذه المقالات لها طابع استخباراتي
وبالطبع يمكن اعتبار المنشور ضغط إضافي على “الحزب”.
وعن مفاعيل إعلان حالة الطوارئ، أبدى المصدر اعتقاده أنّها مزيد من الضغوطات على “حزب الله” وإيران،
عبر “تشكيل ائتلاف أميركي- أوروبي بانتظار نتيجة المفاوضات النوويّة ومصير إيران فيها (خاضعة أو متلاعبة)،
فما يجري في لبنان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإيران، وأبعد من ذلك لو أنّ الإرادة الإيرانيّة
موجودة لتشكّلت الحكومة بعيدًا عمّا يتمّ تداوله من خلاف على وزير أو وزيرين”.
وختم المصدر: “لبنان ورقة ضغط بيد إيران، ولعبة “شطرنج” بيد القوى الدوليّة،
والطبقة السّياسيّة اللّبنانيّة تنتظر التطوّرات الخارجيّة مكتوفة الأيدي ومن يفوز هو من يقرّر مصير اللّبنانيين،
ليبقى الشّعب هو من يدفع ثمن هذه التجاذبات”.