العقوبات الأوروبية ستطال “مجموعة كبيرة” من السياسيين اللبنانيين
المصدر: لبنان 24
كتب ميشال بو نجم في” الشرق الاوسط“: يس سرا أن «الماكينة» الأوروبية بطيئة وليس من السهل توفير الإجماع حول مسائل السياسة الخارجية بالنظر لمبدأ السيادة الذي يتمتع به كل عضو من الأعضاء الـ27. من هنا، ترى مصادر دبلوماسية أوروبية أن إعلان الاتحاد الأوروبي الاتفاق على إطار قانوني لفرض عقوبات على المسؤولين والكيانات اللبنانية تحت باب «الإساءة إلى الديمقراطية ودولة القانون» يعد «إنجازا مهما» و«خطوة تمهيدية للانتقال من التهديد بالعقوبات إلى فرضها حقيقة». واللافت بحسب هذه الجهات أن الاتحاد الأوروبي «وسع الإطار» الذي يتكئ إليه من أجل فرض العقوبات بحيث أصبح «مطاطيا» والدليل، وفق نص البيان الأوروبي، أن المستهدفين ليسوا فقط من يعرقل تشكيل حكومة جديدة تفتح الباب للإصلاحات، بل من يمكن أن يعرقل حصول الانتخابات بمعنى أن التحذير أصبح «استباقيا». وسبب هذه الإضافة يعود للمخاوف الأوروبية من أن أطرافا لبنانية قد تكون ساعية لمنع حصول الانتخابات بذرائع شتى، بحيث يكون المجلس الحالي هو المكلف انتخاب رئيس جديد للجمهورية
والحال أن الأكثرية النيابية الحالية قادرة على المجيء برئيس ينتمي لمعسكرها. يضاف إلى ذلك أن العقوبات يمكن أن تصيب من أعاق «ويعيق» العمل بـ«الخطط» الخاصة بالحوكمة الرشيدة في القطاع العام والإصلاحات الاقتصادية «الأساسية» والقطاع المالي والمصرفي ومنع سن تشريعات «شفافة وغير تمييزية» في موضوع إخراج الأموال وارتكاب مخالفات مالية «خطيرة» تتناول المال العام «أي الفساد والإثراء على حساب الدولة» وتهريب الأموال… وباختصار، تعتبر المصادر المشار إليها أن الإجراءات الأوروبية، في حال تم العمل بموجبها، «يمكن أن تطال مجموعات كبيرة من الأشخاص والكيانات ولا تستثني أحدا»، وبالتالي فإن السؤال الذي تطرحه يتناول إمكانية تطبيقها على هذا المستوى الواسع، فضلا عن «المعايير» التي ستلجأ إليها من أجل تحديد هوية الأشخاص والكيانات والفترة الزمنية التي ستؤخذ بعين الاعتبار
السؤال المطروح يتناول مدى فاعلية لجوء الاتحاد الأوروبي إلى العقوبات ونجاعتها في دفع الطبقة السياسية اللبنانية
للخروج من أنانيتها وارتباطاتها وحساباتها الداخلية والخارجية والالتفات
إلى حالة اللبنانيين الذين يعانون من أزمات متعددة الأشكال والأنواع.
ويتضح من البيان أن الأوروبيين لجأوا إلى التهديد بالعقوبات بعد أن «سئموا» من مماطلة الطرف اللبناني
رغم المناشدات المتعددة التي أطلقت باتجاهه. من هنا، فإن جملتين في فقرتين متلاحقتين تلقيان الضوء
على الحالة الذهنية الأوروبية، إذ تشير الأولى إلى أن الاتحاد ّمستعد للجوء إلى كافة الأدوات التي في حوزته للخروج من الأزمة بشكل دائم…
عبر فرض العقوبات. هذه هي العصا. أما الجزرة فنصت عليها الفقرة الثانية التي تقول إن الاتحاد
«عازم على مساعدة لبنان وشعبه للتغلب على صعوباته الحالية وجاهز لاستخدام الوسائل المتوافرة له للقيام بذلكّ».
وهذه هي الجزرة. وبعيدا عن الجانب الإنساني فإن الاتحاد يعتبر أن
«استقرار وازدهار لبنان يرتديان أهمية أساسية بالنسبة لمجمل المنطقة ولأوروبا».
بانتظار أن توضح صورة المساومات السياسية في لبنان، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي
انتقل إلى مقره الصيفي في «حصن بريغونسون» الواقع قرب مدينة طولون المتوسطية، يستعد لإدارة المؤتمر الدولي الذي سيتم «عن بعد»
والذي دعا إليه بالتعاون مع الأمم المتحدة لتوفير المساعدات الإنسانية للبنان.
وهذا المؤتمر هو الثالث من نوعه الذي ينظمه ماكرون بعد الأول في أغسطس (آب) الماضي والثاني
نهاية العام المنصرم. وكانت باريس تأمل أن يحصل بعد أن يكون الرئيس المكلف نجيب ميقاتي
قد نجح في تشكيل حكومة تكون نقطة الانطلاق لوضع حد للتدهور المتواصل للأوضاع كافة.
لكن يبدو أن باريس ستصاب بخيبة إضافية بعد الخيبات التي عرفتها منذ أن أطلقت مبادرتها الإنقاذية التي ضاعت في دهاليز السياسة اللبنانية بالغة التعقيد.