كلامٌ حادٌ من جعجع
المصدر: ليبانون ديبايت
قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال لقاء تحت عنوان “وحياة يلي راحوا رح تتحاكموا” بدعوة من “حزب القوات” ولجنة إغاثة بيروت”: “في البدء كان هناك مرفأٌ, وقامت حول هذا المرفأ مدينةٌ اسمها بيروت، شكّلت على مدى العصور رئة لبنان وجوهرته. من دون المرفأ، لا بيروت”.
وأضاف: “وفي لحظة جهنّميّةٍ، غادرة مجرمة مدمّرة، ضرب مرفأ بيروت انفجار شبه نووي قضى على البشر والحجر، قضى على الأبنية، والمحلّات، والمدارس، والمستشفيات والملاعب، كما ضرب إرثاً ثقافيًّا حضاريًّا هائلاً، راكمته الأجيال والعصور”.
ولفت الى أن “أبعد بكثيرٍ من الخسائر في الأرواح والممتلكات والمقدّرات، كانت صدمةٌ وجوديّةٌ حفرت عميقاً وعميقاً جداً في نفوسنا جميعاً، وفي لحمنا ودمنا؛ حفرت عميقاً وعميقاً جداً في لاوعينا الجماعيّ. صدمة ٌ ستترك آثاراً لن تمّحى في ذاكرة الأجيال القادمة جيلا بعد جيل”.
وتابع: “لبيروت الأبيّة ألف تحيّةٍ وتحيّة. ولأرواح شهدائها الف صلاةٍ وصلاة. لأرواح شهدائها الذين سقطوا في الأشرفية،الرميل، الصيفي، المدوّر، المرفأ، وفي كلّ أحيائها من الجميّزة، مار مخايل، الجعيتاوي، مستشفى الروم، الحكمة، البدوي وصولاً الى ساسين ومستشفى رزق والسيوفي وكرم الزيتون، لأرواح شهدائها الذين سقطوا في الخندق الغميق،
الدورة وبرج حمود وفي كلّ منطقة من بيروت ومحيطها، ولأرواح شهدائها الذين سقطوا وهم يؤدّون الواجب في فوج إطفاء بيروت”.
ودعا المواطنين جميعاً إلى “حضور القداس الإحتفالي الذي يقيمه غبطة أبينا البطريرك
مار بشارة بطرس الراعي في المرفأ يوم الأربعاء في 4 آب الجاري للصلاة عن أرواح الشهداء”.
وشدد على أن “جرح بيروت لم ينل من جسدها وروحها فحسب، بل شكّل وما زال جرحاً نازفاً في ضمير لبنان والإنسانيّة
جمعاء. لكنّ الألم مضاعفٌ، لأنّ بيروت بما تلقاه من إنكارٍ وتبرّؤٍ وغسل أياد من دماء شهدائها تغتال مرّتين”.
وأكد أن “نحن أكثر من يعرف قيمة الشّهادة ، إنّما الألم الناجم عن شهادة أكثر من
مئتي بريءٍ ذنبهم أنّهم اطمأنّوا إلى بقيّةٍ باقية من ضميرٍ لدى أهل السّلطة، هذا الألم أشدّ وقعاً ومرارة”.
وتوجه إلى “شهداء انفجار المرفأ وضحاياه وجرحاه ومنكوبيه”، بالقول:
” بقدر ما ننحني لذكراكم ولأوجاعكم، بقدر ما نقف في وجه محاولات تبرئة المرتكبين وحماية المتورّطين.
وبقدر ما يهربون من المحاسبة، بقدر ما سنلاحقهم حتّى الساعة”.
وتوجه إلى إخوتنا “أهالي الضّحايا، ويا أهلنا في بيروت” بالقول: ” كما كنّا دائماً معكم على الوعد والموعد،
دفاعاً عن حقّكم في الحياة والحريّة والكرامة والعدالة، نحن معكم دفاعاً عن حقّكم في معرفة الحقيقة وتطبيق العدالة”.
وشدد على أن “منذ اللحظة الأولى وحتّى النفس الأخير باقون معكم بقدر ما قدّر الله ونبضت عروقـنا”،
مشيراً إلى أن “العديد من الشّهداء والمصابين والمنكوبين هم من رفيقاتنا ورفاقنا،
لكنّنا في المصاب الأليم جميعنا سواسية، لأنّ الكارثة لم تميّز بين إنسانٍ وآخر وبين بيتٍ وآخر”.
وأكد أن “إحقاق الحقّ وجلاء الحقيقة هما عنوانٌ أساسٌ من عناوين نضالنا الحالي ولن نستكين حتّى رفع الحصانات،
كلّ الحصانات، وإسقاط الحرمات، كلّ الحرمات، فشهادتكم دينٌ في أعناقنا”.
وقال: “فإلى كلّ أمّ ثكلى وإلى كل أب فقد ابنة أو ابناً، وإلى كلّ ابنة وابنٍ يتمتهما لحظة غادرة تختصر
سنوات من الاستهتار والتآمر، إلى كلّ أخت وأخ وإلى كلّ حبيبة وحبيبٍ، قضيّتكم قضيّتنا. لن نتخلى
عنها مهما كلّف الأمر وطال الزمن، لاسيما بعدما أظهره المحقّق العدلي من جدّيّة أمّا إذا حاولوا إحباطه وإفشاله،
فإنّ ورقة التّحقيق الدّوليّ ستبقى في يدنا ونواصل السّعي لبلورتها من دون كللٍ أو مللٍ للوصول إلى ما يرضي الشّهداء في سمائهم”.
وتوجه إلى “المسؤولون عن انفجار المرفأ، إهمالاً أو فعلاً، شراكةً أو تواطؤً” بالقول:
” مهما تهربتم، ومهما تحورتم، ومهما تنصّلتم، ومهما تبرّأتم، ومهما حاولتم عرقلة العدالة، وحياة يللي راحوا، رح تتحاكموا”.