حرب المازوت”.. “الباخرة الإيرانية” تثير انقسامًا لبنانيًا فهل تهدّد الحكومة؟! أين أصبحت سفينة المحروقات الإيرانية؟
المصدر: موقع تانكر تراكزر
عقّب حساب موقع “تانكر تراكزر” المعني بتعقب حركة السفن على إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إبحار ناقلة محروقات إيرانية باتجاه لبنان.
وفي سلسلة تغريدات، أوضح الموقع أنّ سفينة واحدة تناسب المهمة التي أعلن عنها نصرالله، مؤكداً أنّ البحث جارٍ حالياً لمعرفة ما إذا نقلت بشحنة مؤخراً من إيران، نظراً إلى أنّها غير متصلة بشبكة الانترنت منذ أشهر.
وكشف الموقع أنّه سبق للسفينة أن نقلت محروقات إلى سوريا.
على وقع استمرار الاتصالات في ملف تشكيل الحكومة، مع البيانين اللافتين للمكتبين الإعلاميين لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، واللذين حافظا على منسوب الإيجابية، بعيدًا عن كلّ الفبركات والتسريبات، انشغل اللبنانيون خلال الساعات الماضية بسجالٍ من نوع آخر، محوره “الباخرة الإيرانية”.
هكذا، لم يمرّ خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الذي أعلن فيه عن “إبحار” باخرة إيرانية محمّلة بأطنانٍ من المحروقات إلى لبنان، على أن تتبعها سفن أخرى، مرور الكرام، في ظلّ أزمة المحروقات التي يبدو أنّها تتفاقم، وهو ما تجلّى في الساعات الماضية مع الإقفال “القسريّ” لعدد من محطات الوقود، واضطرار الكثير من القطاعات الحيوية إلى الإقفال بسبب نفاد مادة المازوت.
ولعلّ اللافت في خطاب نصر الله، والذي استجلب الكثير من ردود الفعل في العديد من الأوساط السياسية، تمثّل في “التصعيد” الذي لجأ إليه، من خلال اعتبار السفينة الإيرانية الآتية والمنتظَرة “أرضًا لبنانيّة” سلفًا، مع ما ينطوي على ذلك من إضفاء لمنطق “السيادة” عليها، استباقًا ربما لأيّ محاولة لضربها أو استهدافها في البحر، من قبل الأميركيين أو الإسرائيليين، وهو ما قال نصر الله غمزًا إنّه سيكون له “بالمرصاد”.
“إعلان حرب”
سريعًا، انقسم اللبنانيون حول “إعلان” السيد نصر الله، ومفاعيله وتداعياته على الواقع العام، بين من اعتبره “بشرى سارة”، مرحّبًا بأيّ باخرة محروقات تأتي بـ”الفرج” وتنهي “الكابوس” المستمرّ على خط المحروقات، بمُعزَلٍ عن مصدرها، ومن رأى في هذا المنطق “خطورة مطلقة”، خصوصًا أنّ من شأنه تعريض لبنان الرسميّ لعقوبات، وكأنّ ما فيه لا يكفيه.
بالنسبة إلى خصوم “حزب الله”، فإنّ مثل هذه الخطوة “غير محسوبة” لا في الشكل والمضمون، خصوصًا أنّ أحدًا لم يستبقها بطلب “إعفاء” لبنان من العقوبات الأميركية، كما فعلت العديد من الدول، بل أرفِقت على النقيض من ذلك، بما يشبه “إعلان الحرب” الذي قرئ خلف كلمات نصر الله، بما يشبه “التحدّي” للولايات المتحدة، وهو ما يزيد برأي هؤلاء الطين بلّة، لأنّ المطلوب في هذه المرحلة “كسب ودّ” المجتمع الدولي، لا إعلان “الطلاق” معه.
ومع أنّ الكثيرين من هؤلاء يؤيدون السيد نصر الله في ما ذهب إليه لجهة أنّ أزمة الوقود قد تكون “مفتعَلة” في الكثير من جوانبها، وأنّ المطلوب فضح “المحتكرين” ومحاربتهم، فضلاً عن محاسبتهم بأقصى السبل المتاحة، لعلّهم يكونون “عبرة لمن يعتبر”، إلا أنّهم يعتبرون أنّ المواجهة لا تكون بأن “يفتح” كل طرف “على حسابه” كما فعل “حزب الله”، وهو “المتهَم” أصلاً، كما يقولون، بتعميق الأزمة من خلال “تهريب” الوقود إلى سوريا.
“إجماع وتضامن وطني”!
في المقابل، يستغرب “المتحمّسون” لإعلان نصر الله منطق “المعارضين” الذين لم يبدوا “الحماسة” نفسها برأيهم، لموجات “إذلال” اللبنانيين التي لم تنتهِ فصولها أمام محطات المحروقات، حيث بات اللبنانيون يقضون كلّ ساعات نهارها بانتظار بعضٍ من الوقود الذي يسمح لهم بالتنقّل، ولو بالحدّ الأدنى، فيما باتت قطاعات كثيرة في مهبّ الريح، ومن بينها مستشفيات ومخابز وغيرها باتت مهدَّدة بصورة جدّية.
ويعتبر المتحمّسون أنّ هذا الواقع ينبغي أن يجعل وصول الوقود، من أيّ جهةٍ كان، وبمُعزَل عن كلّ التعقيدات القانونية وغير القانونية، محلّ إجماع وتضامن وطني، بدل أن يصبح مادة سجالية كما حصل، وهم يسجّلون في الوقت نفسه على “المعارضين” ما يعتبرون “انقلابًا” في موقفهم من “السخرية” من تأخّر وصول الباخرة الإيرانية الموعودة، إلى “التهويل” بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال وصولها.
وبين هؤلاء وأولئك، يخشى كثيرون أن تهدّد الأزمة المستجدة ملفّ تأليف الحكومة، الذي بات واضحًا أنّه يتأثّر إيجابًا وسلبًا مع كلّ ما يدور حولها، وقد تؤدي الأجواء “السلبيّة” التي أحدثتها السجالات الإعلامية والسياسية إلى “تجميده”. إلا أنّ المعنيّين ينفون أي رابط بين الأمرين، ويؤكدون أنّ التواصل مستمرّ بين الرئيسين عون وميقاتي للوصول إلى “الخاتمة السعيدة”، علمًا أنّ أيّ أزمة تحصل يفترض أن “تعجّل” بالاتصالات الحكوميّة، وليس العكس.
مع كلّ سجال وأزمة جديدة تشهدها البلاد، يتأكّد شيء واحد، وهو أنّ تشكيل الحكومة يجب أن يتقدّم على كلّ ما عداه، وبمُعزَلٍ عن كلّ التفاصيل والتعقيدات. لا نقاش في أنّ الحكومة هي المَدخَل لكلّ الحلول، من العلاقة بين المكوّنات اللبنانية نفسها، إلى العلاقة مع المجتمع الدولي، مرورًا بفرض السيادة والقانون. ولعلّ الأوْلى من الالتهاء بنقاشات لا طائل منها، الذهاب إلى تسهيل مهمة الرئيس المكلف، بالفعل لا بالقول!