لمحاكمة الأكثريّة النيابيّة بجرم الخيانة العظمى
المصدر: ليبانون ديبايت
في ضوء ما آلت إليه أوضاعنا في البلاد، لم نعد نعجب من أي شيء، باعتبار أن من وصل إلى الحضيض بسبب ممارسات أكثريّة مستأثرة بالسلطة أعطت الدويلة امتيازات بالقيام بما تريد ، وتنازلت لها عن القرار الإستراتيجي في البلاد لتقضم ما اشتهت من كينونة الدولة، لا يمكنه اليوم أن يعجب إن أقدمت هذه الدويلة على ارتكاب ما، وسكت أرباب الأكثريّة الحاكمة، لأنهم جميعاً بالأساس متواطئون.
لا عجب في كل ما يحصل، لأن المشكلة الأساس تكمن في أن أرباب هذه الأكثريّة الحاكمة، لديهم منطلقات فكرية واضحة بعيدة كل البعد عن الوطنيّة، فهم بجزء منهم أتباع مشاريع أمميّة كونيّة، وبجزئهم الآخر أطفال نظام سفّاح يحتضر ، ترعرعوا في مدارسه النفعيّة ويرون السياسة من خرم مصالحهم الآنيّة الشخصيّة. لذا لا عحب
إن لم يفهموا معنى السيادة أو تجاهلوا ما يتجاهلونه اليوم، لأنهم أساساً يعتبرون السيادة من ضمن الثروات الطبيعيّة للبلاد
وعمدوا إلى عرضها في المزاد، فلزّموها للدويلة مقابل أن تسود سيادة طبقتهم الحاكمة الفاسدة على الشعب اللبناني
حتى ولو انتفض.
لماذا كل هذا الكلام!؟ لأن ما أطلّ علينا به الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله
من إعلان إبحار السفينة الإيرانيّة الأولى نحو لبنان محمّلة بالمحروقات، هو بمثابة ضرب
بعرض الحائط بآخر ما تبقّى من كيان الدولة ويصبو إلى درجة إعلان وقح لإستقلال دويلة “حزب الله”
عن الدولة اللبنانيّة وبسط سيادتها الكاملة على المرافئ العامة الموجودة في منطقة نفوذها.
هناك من سيقول لنا، ولكن واقع الأمر المفروض منذ عدّة سنوات هو أن “حزب الله”
يبسط سلطته على كل المرافق العامة في مناطق نفوذه فماذا تغيّر اليوم؟ الذي تغيّر هو أنه لم يكن يتجرأ
“حزب الله” قبل اليوم على إعلان مماثل،
كان يقوم بما يريده بغطاء حلفائه السياسيين في لبنان،
إلاّ أنه اليوم وبالشكل الذي أعلنه فيه وإقدامه على هذه الخطوة من دون تقديم أي طلب لوزارة الطاقة،
خرج من تحت مظلّة الستار السياسي الذي كان يتلطّى تحته ليضرب عرض الحائط بجميع مؤسسات الدولة،
فهو استقدم المحروقات من إيران علانيةً ومن دون الرجوع إلى مؤسسات الدولة التي له فيها أكثرية نيابيّة ورئيس جمهوريّة حليف وحكومة بأكملها.
سيأتينا من يقول إن الحزب يريد أن يجنّب الدولة اللبنانيّة أية عقوبات جراء خطوة مماثلة،
ونردّ بأنها حجّة واهية ، فمن يريد أن يجنّب الدولة عقوبات دوليّة، لا يقوم بإطلاق رصاصة الرحمة على سيادتها واستقلالها.
فهو عمد إلى التفرد بهذه الخطوة من دون اعتبار نفسه أساساً جزءاً من هذه الدولة. وهنا نسأل:
اليوم إذا ما أقدم طرف آخر على استيراد المحروقات لمناطقه ومن بعدها الأدوية ومن بعدها المشتقات القمحيّة ومن بعدها ومن بعدها،
ألا نكون بهذه الخطوة التي من شأنها “تجنيب الدولة العقوبات الدوليّة” دخلنا في منطق التقسيم؟
وهل من عاقل يصدّق أن “حزب الله” ليس على بيّنة من هذا الجانب؟
أما بالنسبة للأكثريّة النيابيّة بجميع أربابها التي تتواطأ مع الدويلة، فإن سكوتها عن ارتكاب “حزب الله” هذا،
يمكن أن يصبو إلى مصاف الخيانة العظمى للدولة. فمن يسكت، أياً يكن، عن فعل أو فاعل أو يدع فعلاً أو فاعلاً،
يقضم سيادة الدولة، هو خائن لهذه الدولة وجبت محاكمته بالخيانة العظمى. والسلام.