اخبار محلية

يدخلون لبنان خِلسَةً ويخرجون من المطار كالمطلوبين… فضائح!

بقلم أنطون الفتى – أخبار اليوم

في عصر الأزمات المُتوالَدَة، لا بدّ من إلقاء نظرة، ولو خاطفة، على التعاضُد الإجتماعي، طالما أن الدولة غائبة وسائبة، بقرار مُتَّخَذ، وليس عن إكراه.

نبقى في الأزمة الصحية، وهي الأزمة رقم 1 بين كلّ الأزمات الحياتية الأساسية، باعتراف أي عاقل على وجه الكرة الأرضية. فرغم المداهمات، نجد أن لا شيء يؤكّد أن البارحة أفضل من اليوم، أو أن اليوم أفضل من الغد، طالما أن “ما في دولة”، وطالما أن لا قرار حقيقياً يمَنْع الموت عن الناس.

في عصر يتوجّب أن يزداد فيه التعاضُد الإجتماعي، الى حدود قصوى، ننظر قليلاً الى بعض مواقع التواصُل الإجتماعي، طالما أن تلك المواقع قادرة على القيام بأدوار لا يُستهان بها، في أزمنة مُماثِلَة.

فبمعزل عن أن لا أزمة، ولا شيء سلبياً في البلد بالنّسبة الى البعض، نجد أولئك الذين لا يشعرون بشيء، ويستخدمون حساباتهم على مواقع التواصُل الإجتماعي لعَرْض صُوَر المشاريع “المتفجّرَة”، و”التشميس”، و”التصييف”، و”التمشاية”، و”السيلفي”، و”البوزات”، وصُوَر العضلات “المنفّشي”… بطريقة مُخجِلَة فعلاً، في بلد يبحث فيه بعض الناس عن لقمة واحدة يسدّون بها جوعهم.

كلّ إنسان حرّ طبعاً. ولكن من المُخجِل والمُعيب بالفعل، أن نجد الفنانة المصرية هنا شيحة مثلاً، تشارك مجموعة من الصُّوَر لبعض الأدوية المفقودة في لبنان، عبر حسابها الرسمي على “إنستغرام”، وتعلّق بالقول إن لبنان بحاجة الى الأدوية، لأنها غير موجودة في الصيدليات، وإن وجدت فهي بسعر مُبالَغ فيه. نرجو المساعدة. وتكشف أن أختها ستسافر الى بيروت، و”اللي حابب يساعد يبعتلها رسالة”.

هذا مُخجِل ومعيب، فيما آلاف اللبنانيين الذين يأتون الى لبنان، ويخرجون منه، والذين أُتخِمنا على مرّ سنوات وسنوات، بأنهم من الأدمغة التي ترفع رأس لبنان في الخارج، يدخلون البلد خِلسَةً، ويخرجون منه كالمطلوبين، حتى لا يعلم بهم أحد.

فضلاً عن أن كثيراً من اللبنانيين الذين يعيشون في البلد، والذين يمتلكون القدرة على المساعدة،

في مجالات عدّة، يتلوّنون كالحرباء، أو “يحمرّون” و”يخضرّون” و”يصفرّون”، وتُصيبهم “الصفَيْرا”،

و”هزّة الحَيْط”، عند الحديث عن أزمة من أزمات البلد، أمامهم.

في سياق متّصل، نذكر أن نجم كرة القدم الفرنسي – الجزائري زين الدين زيدان، تبرّع بمليونَي يورو لضحايا حرائق الجزائر الأخيرة،

عن طريق مؤسّسته الخيرية، وتحديداً لمحافظة “تيزي وزو”،

وهي المنطقة الأكثر تضرّراً من الحرائق. كما أن زيدان سبق له تمويل عشرات المشاريع الخيرية

والإجتماعية والإنسانية لصالح المستشفيات، ودور المسنّين، ودور الأيتام، والمدارس، في الجزائر .

كما قدّم (زيدان) أجهزة تنفّس، وإنعاش، وشاشات مراقبة، ومضخّات حقن،

وسيارات إسعاف، وغيرها من المعدات الطبية، خلال الأزمة الصحية التي شهدتها الجزائر، بسبب تداعيات جائحة “كوفيد – 19”.

في لبنان، نجد أن عدداً مهمّاً من المشاهير اللبنانيين، يبكون على بيروت، وعلى الشّعب اللبناني،

على حساباتهم الخاصّة على مواقع التواصُل الإجتماعي، فيما يدورون من بلد “شقّو” لبلد “لقّو”، بالحفلات والسياحة،

والغرام والإنتقام. بالإضافة الى فئة منهم بَنَت أمجادها، وأمجاد عائلاتها الفنيّة،

من جراء شراء اللبنانيين إنتاجاتها على مدى سنوات وسنوات، فيما هي من “المفقودات”، في عزّ الأزمة اللبنانية.

وحتى إن بعضهم يعتبر أنه أكبر من بلد بذاته، وأنه يتوجّب شكرهم ربما، لأنهم يتنازلون،

ويقبلون بحَمْل بطاقة الهوية اللبنانية بين أغراضهم، حتى الساعة.

كل إنسان حرّ طبعاً. ولكن الإحترام، كلّ الإحترام، لمن يستفيدون من نشاطهم الكبير على مواقع التواصل الإجتماعي،

ومن العدد الكبير أو الهائل من المُتابعين لهم على تلك المواقع، ليعرضوا هذا الدواء أو ذاك،

أو هذه الوصفة الطبيّة أو تلك، طالبين تأمينها لهذا المريض، أو لتلك المُسِنَّة، أو لهذا المركز،

بعد معلومات كاملة يحصل عليها كلّ من يتواصل معهم.

وأكثر ما يُلفِت، هو أن تلك الصُّوَر والمعلومات، تجد القليل من التفاعُلات، من “لايكات”، و”قلوب”،

في وقت نجد فيه أن صُوَر “المِحِن”، و”الشَّخْلَعَة”، والفراغ العقلي، والسخافة الوجودية،

قادرة على التسبُّب بانفجار في شبكة الإنترنت، من شدّة المُتفاعلين معها، وعليها.

الإنسان لا يكون إنساناً، إلا إذا عاش إنسانيّته. أما عندما تكون المجتمعات الحيوانيّة تتساعد

عند التعرُّض لخطر جماعي، و(تتساعد) على دفن المتوفّين في صفوفها، فإن الإنسان يكون

سقط في امتحان الوجود، سقوطاً مدوّياً، قد ترفض الحيوانات نفسها أن تنظر إليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى